علل النحو (صفحة 418)

بِالْفَتْح، لِأَن الْفَتْح أخف الحركات، وَالْغَرَض بتحريك الدَّال الدّلَالَة على أَن لَهَا دَالا تلزمها فِيهِ الْحَرَكَة، وَنحن نصل بِالْفَتْح إِلَى هَذِه الدّلَالَة، فَوَجَبَ اسْتِعْمَاله بِالْفَتْح دون الضَّم وَالْكَسْر، إِذْ كَانَا أثقل من الْفَتْح.

فَأَما (غَد) : فقد اسْتعْمل فِي الشّعْر على أَصله، وَصَارَ ذَلِك دَلِيلا بَينا على (أَن) أَصله (فعل) ، بِسُكُون الْعين.

وَأما (دم) : فَالْأَظْهر فِيهِ فَتْحة الْمِيم فِي الشّعْر، لِأَنَّهُ جَائِز أَن يكون سمي بمصدر: دمي يدمى دَمًا، فَلهَذَا كَانَ الْأَظْهر فِيهِ هَذَا الْوَجْه، وَإِن كَانَ لَيْسَ بممتنع أَن يَجْعَل أَصله على (فعل) ، بِسُكُون الْعين، وَهُوَ الْبناء الْمُتَّفق الَّذِي أقل مَا تبنى الْكَلِمَة عَلَيْهِ، وَالْحَرَكَة زِيَادَة، وَيجوز أَن تكون الْمِيم حركت فِي حَال التَّثْنِيَة الَّذِي ذكرنَا فِي (يَد) ، فَإِذا كَانَ كَذَلِك، لم يمْتَنع هَذَا الْوَجْه الثَّانِي.

فَإِن قَالَ قَائِل: فَإِذا كَانَ الأَصْل فِي (يَد وغد) مَا ذكرْتُمْ من سُكُون حاليهما، فَلم يحركان فِي النِّسْبَة؟

قيل لَهُ: لما ذَكرْنَاهُ من لُزُوم الْحَرَكَة لَهما، فَلَمَّا رد إِلَيْهِمَا فِي النِّسْبَة الْمَحْذُوف مِنْهُمَا، حرك الثَّانِي مِنْهُمَا بِالْفَتْح.

وَأما (يَد) : فَلَمَّا تحركت الدَّال انقلبت مِنْهَا الْيَاء الْمَرْدُودَة ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا، فَلَمَّا صَار آخرهَا ألفا، جرت مجْرى الْمَقْصُور، فَلذَلِك وَجب أَن تَقول: يدوي، كَمَا قلت: رحوي.

فَأَما (غَد) : فَالْقِيَاس فِيهِ أَيْضا، وَإِن كَانَت الْوَاو انقلبت ألفا على حد انقلاب الْيَاء، ثمَّ صَارَت واواً بعد ذَلِك، كَمَا قيل فِي قفوي، فاعرفه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015