علل النحو (صفحة 380)

قَالَ: وَمِمَّا جَاءَ فِي الشّعْر على لفظ الْوَاحِد، وَالْمرَاد بِهِ الْجمع، قَول الشَّاعِر:

(كلوا فِي بعض بطنكم تعفوا ... فَإِن زمانكم زمن خميص)

أَرَادَ " فِي بطونكم، فَاكْتفى بِالْوَاحِدِ عَن الْجمع، لِأَن إِضَافَة الْجمع تدل على أَن الْبَطن بِمَنْزِلَة الْبُطُون، قَالَ: وَمثل هَذَا فِي الْكَلَام قَوْله تَعَالَى: {فَإِن طبن لكم عَن شَيْء مِنْهُ نفسا فكلوه هَنِيئًا} ، وقررنا بِهِ عينا، وَإِن شِئْت قلت: أعينا، وَلَو كَانَ فِي الْكَلَام لجَاز أَن تَقول: أنفسا، مَكَان {نفسا} ، يَعْنِي: أَن (النَّفس وَالْعين) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا يُرَاد بهما الْجمع، فَاكْتفى بِالْوَاحِدِ فِيهِ، لدلَالَة الْكَلَام عَلَيْهِ على الْإِرَادَة، وَإِن شِئْت جمعت مثل هَذَا على الأَصْل، وَإِنَّمَا جَازَ الْجمع هَاهُنَا، وَلم يجز فِيمَا بعد الْعشْرين أَن تميز بِلَفْظ الْجمع، أَن عشْرين قد حصل فِيهَا مِقْدَار الْعدَد، وَالْفِعْل يجوز أَن يكون للْوَاحِد وَالْجمع، فَذكر ذَلِك بِلَفْظ الْجمع، ليدل بذلك أَن الْفِعْل لجَماعَة، وَلَا يجوز إِدْخَال الْألف وَاللَّام فِي (النَّفس وَالْعين) ، لِأَنَّهُمَا منصوبان على التَّمْيِيز، وَقد بَينا فِيمَا تقدم أَن التَّمْيِيز لَا يكون إِلَّا نكرَة.

وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَلَبِثُوا فِي كهفهم ثَلَاث مائَة سِنِين وازدادوا تسعا} ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015