علل النحو (صفحة 356)

أَن يَقع الْفَصْل بَين هَذِه الْأَعْدَاد.

فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم خص الْمُذكر بالعلامة، والمؤنث بِلَا عَلامَة؟

قيل لَهُ: لِأَن الْمُذكر أخف من الْمُؤَنَّث، لِأَن التَّأْنِيث فرع على التَّذْكِير، فَجعل الأخف بعلامة، إِذْ كَانَت الْعَلامَة زِيَادَة على اللَّفْظ، فَاحْتمل الزِّيَادَة لخفته، وَجعل الْمُؤَنَّث بِغَيْر عَلامَة لثقله، وَهَذَا الَّذِي ذكرنَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ.

وَذكر أَبُو الْعَبَّاس الْمبرد: أَن الْهَاء دخلت فِي الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة للْمُبَالَغَة، وَمعنى الْمُبَالغَة: أَن الْمُذكر لما كَانَ أفضل من الْمُؤَنَّث بولغ فِي لَفظه بِزِيَادَة حرف، كَمَا قيل: رجل عَلامَة ونسابة، إِذا أُرِيد بِهِ الْمُبَالغَة فِي الْعلم وَالنّسب، وَالْهَاء مَعَ ذَلِك عَلامَة التَّأْنِيث، وَفِيه وُجُوه أخر تحكى عَن أهل الْكُوفَة، قَالُوا: وجدنَا مَا كَانَ على (فعال) مؤنثاً يجمع بِغَيْر هَاء، نَحْو: عِقَاب وأعقب، وَمَا كَانَ مذكراً يجمع بِالْهَاءِ، نَحْو: غراب وأغربة، قَالُوا: فَلَمَّا رَأينَا الْهَاء تسْقط فِي جمع الْمُؤَنَّث، وَتثبت فِي جمع الْمُذكر، جعلنَا الْأَعْدَاد الَّتِي تقع على جمع الْمُذكر بِالْهَاءِ، حملا على الْجمع الَّذِي تدخل عَلَيْهِ، (74 / ب) وأسقطنا الْهَاء من عدد الْمُؤَنَّث، حملا على الْجمع الَّذِي تدخل عَلَيْهِ، فَلهَذَا قَالُوا: ثَلَاثَة أغربة، وَثَلَاث أعقب.

فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم وَجب إِضَافَة الْعدَد من الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة، وهلا اقتصروا على الْوَاحِد، كَمَا اقتصروا على مَا بعد الْعشْرَة وَالْمِائَة على تَبْيِين الْعدَد بِالْوَاحِدِ، نَحْو: مائَة دِرْهَم، وَألف دِرْهَم؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015