اعْلَم أَن الْقيَاس كَانَ فِي الْوَاحِد والاثنين من الْأَعْدَاد أَن يضافا، فَيُقَال: عِنْدِي وَاحِد رجال، وَاثنا رجال، كَمَا يُقَال: ثَلَاثَة رجال، إِلَّا أَنهم أسقطوا الْإِضَافَة من الْوَاحِد والاثنين، لِأَن الْوَاحِد يُنبئ عَن نَوعه وعدده، وَكَذَلِكَ الِاثْنَان، كَقَوْلِك: جَاءَنِي رجل، ورجلان، فَلَمَّا كَانَ لفظ رجل وَرجلَيْنِ يُنبئ عَن الْعدَد وَالنَّوْع، استغني بِلَفْظ وَاحِد عَن لفظين، وَقد جَاءَ فِي الشّعْر:
(كَأَن خصييه من التدلدل ... ظرف عَجُوز فِيهِ ثنتا حنظل)
وَكَانَ حَقه أَن يَقُول فِيهِ: حنظلتان، فاضطر إِلَى مَا ذكرنَا، وشبهت الِاثْنَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ، لِأَنَّهُمَا جمع فِي الْمَعْنى، وَلم يجز ذكر الْعدَد مُفردا، كَقَوْلِك: ثَلَاثَة وَأَرْبَعَة، لِأَنَّهُ لَا يعلم من أَي نوع هُوَ، أَعنِي الْعدَد، فَوَجَبَ أَن يذكر الْعدَد مُضَافا إِلَى النَّوْع، لتقع الْفَائِدَة للمخاطب، إِذْ الْغَرَض ذكرهمَا جَمِيعًا.
وَاعْلَم أَنه من الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة يجب أَن يُضَاف إِلَى الْجمع الْقَلِيل، إِلَّا أَن يكون الِاسْم لَا يجمع جمع الْقلَّة، كَقَوْلِك: عِنْدِي ثَلَاثَة أكلب، وَلَا يجوز أَن تَقول: ثَلَاثَة كلاب، لِأَن الْكلاب جمع كَثْرَة، وأكلب للقلة، وَلَو قلت: ثَلَاثَة