إِن قَالَ قَائِل: لم وَجب أَن تكسر (إِن) فِي الِابْتِدَاء؟
قيل: للفصل بَينهمَا، أَعنِي: بَين (إِن وَأَن) .
فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا الْحَاجة إِلَى الْفَصْل بَينهمَا؟
قيل لَهُ: لِأَن (أَن) الْمَفْتُوحَة وَمَا بعْدهَا فِي تَقْدِير اسْم، والمكسورة لَا تكون مَعَ مَا بعْدهَا اسْما، فَلَمَّا اخْتلف حكمهمَا، وَجب الْفَصْل بَينهمَا.
فَإِن قيل: فَلم خصت بِالْكَسْرِ، وخصت الْأُخْرَى بِالْفَتْح؟
قيل لَهُ: لِأَن الْكسر أثقل من الْفَتْح، و (أَن) الْمَفْتُوحَة قد قُلْنَا: إِنَّهَا وَمَا بعْدهَا اسْم، فقد طَالَتْ بصلتها، والمكسورة مُفْردَة الحكم، فَهِيَ أخف مِنْهَا، فَوَجَبَ أَن يفتح الأثقل، وَيكسر الأخف ليعتدلا.
فَإِن قيل: فَلم كسرت بعد القَوْل، وَإِذا كَانَ فِي خَبَرهَا اللَّام؟
قيل: لِأَنَّهَا فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ مُبتَدأَة فِي الحكم، وَإِنَّمَا وَجب ذَلِك لِأَن القَوْل إِنَّمَا وضع فِي الْكَلَام ليحكى بِهِ، والحكاية من شَأْنهَا أَلا تغير لفظ المحكي، فَإِذا قَالَ الْقَائِل: إِن زيدا منطلق، فَأَرَدْت أَن تحكي كَلَامه، وَجب أَن تَقول: قَالَ عَمْرو: إِن زيدا منطلق، كَمَا تَقول: قَالَ عَمْرو: زيد منطلق، فَصَارَ مَا بعد القَوْل يجْرِي مجْرَاه فِي حَال الِابْتِدَاء، فَلذَلِك كسرت بعد القَوْل.