اعْلَم أَن (لَا) تنصب الِاسْم تَشْبِيها ب (إِن) ، لِأَنَّهَا نقيضتها، وَهِي تدخل على الْأَسْمَاء، كدخول (إِن) عَلَيْهَا، فَوَجَبَ أَن تنصب الْأَسْمَاء، كَمَا تنصب (إِن) ، وَإِنَّمَا بنيت الْأَسْمَاء من (لَا) لوجوه:
أَحدهَا: أَنه جَوَاب لِقَوْلِك: هَل من رجل فِي الدَّار؟ وَالْجَار وَالْمَجْرُور بِمَنْزِلَة الشَّيْء مَا هُوَ جَوَابه، إِذا كَانَ الناصب مَعَ الْمَنْصُوب لَا يكون كالشيء الْوَاحِد.
وَوجه آخر: وَهُوَ أَن تكون (من) مقدرَة بَين (لَا) وَمَا تعْمل فِيهِ، فَيكون الأَصْل: لَا من رجل فِي الدَّار، فَلَمَّا حذفت (من) تضمن الْكَلَام معنى الْحَرْف، والحروف مَبْنِيَّة، فَوَجَبَ أَن تبنى (لَا) مَعَ مَا بعْدهَا، لتضمنها الْحُرُوف.
وَوجه ثَالِث: أَنَّهَا لما كَانَت مشبهة بالحروف فِي الْعَمَل، وَكَانَت الْحُرُوف مشبهة بِالْفِعْلِ وَصَارَت فرعا للفرع، فضعفت، فَجعل الْبناء فِيهَا دَلِيلا على ضعفها.
وَاعْلَم أَن النكرَة الَّتِي تبنى مَعَ (لَا) فِي المفردة - وَإِن كَانَت مَوْصُولَة أَو مُضَافَة - لم يجز الْبناء فِيهَا، لِأَن التَّنْوِين يصير فِي وسط الْكَلِمَة، فَيجْرِي مجْرى سَائِر الْحُرُوف، والمضاف إِلَيْهِ يقوم مقَام التَّنْوِين، فَيمْتَنع أَيْضا من الْبناء، وَذَلِكَ نَحْو قَوْله: لَا غُلَام رجل عنْدك، وَلَا خيرا من زيد عنْدك، فَصَارَ مَا عوض فِيهَا يمْنَع من الْبناء، كَمَا منع ذَلِك فِي المنادى. وَاعْلَم أَن النكرَة الَّتِي