علل النحو (صفحة 221)

نَفسك، (47 / ب) وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ، كَقَوْلِك: على زيدا، مَعْنَاهُ: أَعْطِنِي زيدا، وَلَا تَقول: عِنْدِي زيدا، وَلَا دوني عمرا، لما بَيناهُ أَن هَذِه الظروف أُقِيمَت مقَام الْفِعْل وَالْفَاعِل اتساعا، فَلَيْسَ يجب أَن تتصرف تصرفه - أَعنِي تصرف الْفِعْل - فَمَا اتسعت فِيهِ الْعَرَب قُلْنَاهُ وَمَا تركته على أَصله لم نجاوزه إِلَى غير ذَلِك.

وَاعْلَم أَنَّك إِذا قلت: عَلَيْك زيدا، فللمخاطب ضميران، مجرور ومرفوع، فالمجرور الْكَاف الظَّاهِرَة، وَالْمَرْفُوع مستتر فِي النِّيَّة، فَإِذا أردْت أَن تؤكد الْمَرْفُوع أَو تعطف عَلَيْهِ، جَازَ ذَلِك، كَقَوْلِك: عَلَيْك أَنْت نَفسك زيدا، وَعَلَيْك أَنْت وَعَمْرو زيدا، وَلَا يحسن إِذا أردْت الْعَطف على الْمُضمر الْمَرْفُوع أَن تسْقط توكيده، وَقد بَينا ذَلِك، فَإِن أردْت أَن تعطف على الْكَاف لم يجز، لِأَن الْمُضمر الْمَجْرُور لَا يعْطف عَلَيْهِ الظَّاهِر، إِلَّا بِإِعَادَة حرف الْجَرّ، وَمَعَ هَذَا أَنَّك لَو أردْت أَن تعيد حرف الْجَرّ لم يجز، لِأَنَّهُ يصير اللَّفْظ: عَلَيْك وعَلى زيد عمرا، فَيصير: أَمر الْغَائِب الْمُخَاطب، وَقد بَينا أَن هَذَا لَا يجوز فِي هَذِه الْحُرُوف، فَإِن أردْت أَن تؤكد الْكَاف جَازَ ذَلِك، نَحْو: عَلَيْك نَفسك زيدا، وَقد يجوز أَن تجْعَل النَّفس مفعولة، كَمَا قَالَ الله عز وَجل: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا عَلَيْكُم أَنفسكُم} أَي: اتَّقوا أَنفسكُم، وَمَا أشبه ذَلِك على مَا ذَكرْنَاهُ، أَو تَقول: عَلَيْك نَفسك نَفسك نَفسك، فَترفع الأول على التوكيد للضمير الْمَرْفُوع المتوهم الْفَاعِل، وتجر الثَّانِيَة على التوكيد للكاف، وتنصب الثَّالِثَة على الإغراء، إِلَّا أَن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015