ذَكرْنَاهُ من أَنَّهَا تطلب الْمُبْتَدَأ، فضعف لِكَثْرَة الْإِضْمَار من غير ضَرُورَة تَدْعُو إِلَيْهِ.
وَأما الْوَجْه الرَّابِع: فأضعفها لِأَنَّهُ عكس الْمُخْتَار، لِأَنَّك ترفع الأول وتنصب الثَّانِي، فَلهَذَا ضعف جدا.
وَأما قَوْلهم: (قد كَانَ ذَلِك إِن صَالحا وَإِن فَاسِدا) فَإِنَّمَا وَجب نَصبه لِأَن قَوْلك: (قد كَانَ ذَلِك) ، إِشَارَة إِلَى أَمر مَا، فالصالح وَالْفَاسِد هُوَ ذَلِك الْأَمر بِعَيْنِه، فَإِنَّمَا يرْتَفع مثل هَذَا على أَنَّك تقدره اسْم (إِن) ، وَتجْعَل الْخَبَر فِي تَقْدِير الظّرْف لَهُ، ومحال أَن تكون جملَة الشَّرْط ظرفا لجميعه، فَلهَذَا اسْتَحَالَ أَن تقدره بِقَوْلِك: إِن كَانَ فِيهِ صَالح، فَأَما إِذا قلت: إِن كَانَ فِيهِ صَلَاح أَو فَسَاد، فَجَائِز، لِأَن الصّلاح وَالْفساد غير الشَّيْء الْمَذْكُور، فَجَاز أَن تقدر فِي تَقْدِيره الظّرْف للصلاح وَالْفساد، فَلهَذَا حسن رَفعه.
وَأما قَول الشَّاعِر:
(لَا تقربن الدَّهْر آل مطرف ... إِن ظَالِما فيهم وَإِن مَظْلُوما)
فَإِنَّمَا وَجب نَصبه لِأَن الْمُخَاطب مُضْمر فِي الْفِعْل، فانتصب (ظَالِما) على الْخَبَر، وَلَا يُمكن غير ذَلِك، لما يَقْتَضِيهِ الْبَيْت.