علل النحو (صفحة 199)

قيل لَهُ: لِأَن الْفَتْح مَبْنِيّ على أصل لَو بني عَلَيْهِ لم يعلم أمعرب هَذَا أم مَبْنِيّ، إِذْ كَانَ فِي الْأَسْمَاء مَا لَا ينْصَرف، فَلَو ناديته وفتحته لم يعلم أَنه مَنْصُوب على أصل مَا يسْتَحقّهُ المنادى أَو مَبْنِيّ، فَسقط الْفَتْح لما ذَكرْنَاهُ، وَلم يجز الْكسر، (43 / أ) لِأَن الْمُضَاف إِلَى الْمُتَكَلّم الِاخْتِيَار فِيهِ حذف الْيَاء والاجتزاء بالكسرة عَنْهَا، نَحْو: يَا غُلَام أقبل، فَلَو كسرت المنادى، لم يعلم أَنه مُفْرد أَو مُضَاف، فَسقط الْكسر أَيْضا، فَلم يبْق إِلَّا الضَّم، فَلهَذَا خص بِالضَّمِّ.

فَإِن قَالَ قَائِل: أَلَيْسَ النكرَة (و) الْمُضَاف مخاطبين كالمفرد، فَهَلا يبنيا لوقوعهما موقع المكني، كَمَا يبْنى الْمُفْرد؟

قيل لَهُ: الْفَصْل بَينهمَا من وَجْهَيْن:

أَحدهمَا: أَن الْمُفْرد وَقع بِنَفسِهِ موقع المكني، أَلا ترى أَنه يتعرف بِنَفسِهِ كَمَا يتعرف المكني، وَأما الْمُضَاف فيتعرف بالمضاف إِلَيْهِ، فَلم يقم مقَام المكني فِي جَمِيع أَحْكَامه، كَمَا رفع الْمُفْرد، وَأما النكرَة فبعيدة الشّبَه بالمكني، فَلم يجز بناؤها.

وَالْوَجْه (الثَّانِي) : أَنا لَو سلمنَا أَن الْمُضَاف والنكرة وَقعا موقع المكني، كوقوع الْمُفْرد لم يلْزم بناؤهما، لِأَنَّهُ عرض فِي الْمُضَاف مَا يمْنَع الْبناء، وَكَذَلِكَ مَا يقوم مقَامه، وَأما النكرَة فَنصبت للفصل بَينهَا وَبَين النكرَة الْمَقْصُود قَصدهَا، فبنيت النكرَة الْمَحْضَة على أصل الْبناء، وبنيت النكرَة الْمَقْصُود قَصدهَا، إِذْ كَانَت هِيَ المخرجة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015