علل النحو (صفحة 165)

(18 - بَاب اسْم الْفَاعِل)

إِن قَالَ قَائِل: لم وَجب لاسم الْفَاعِل أَن يجْرِي مجْرى الْفِعْل، إِذا أُرِيد بِهِ الْحَال والاستقبال، وَلم يجز هَذَا الْمَعْنى فِيهِ، إِذا أُرِيد بِهِ الْمُضِيّ، وَلزِمَ وَجها وَاحِدًا، وَهُوَ الْجَرّ؟

قيل لَهُ: لِأَن أصل الْأَسْمَاء أَلا تعْمل إِلَّا الْجَرّ، وأصل الْأَفْعَال أَن تعْمل فِي الْمَفْعُول إِلَّا أَن الْفِعْل الْمُضَارع قد أشبه الِاسْم من وُجُوه، قد ذَكرنَاهَا فِي صدر الْكتاب، أوجبت لَهُ الْإِعْرَاب بعد أَن كَانَ مُسْتَحقّا للْبِنَاء على السّكُون، فَكَذَلِك الِاسْم أَيْضا حمل على الْفِعْل الْمُضَارع فَعمل عمله، وَأما الْفِعْل الْمَاضِي فَلم يشابه الِاسْم مشابهة قَوِيَّة، فَلهَذَا لم يزدْ على الْبناء على الْفَتْح، وَكَذَلِكَ يجب فِي الِاسْم الَّذِي مَعْنَاهُ أَلا يزَال عَن أَصله، وَالْأَصْل فِي الْأَسْمَاء أَلا تعْمل إِلَّا الْجَرّ، لما ذَكرْنَاهُ أَيْضا فِي (بَاب الْجَرّ) فَبَقيَ اسْم الْفَاعِل إِذا أُرِيد بِهِ الْمَاضِي على أَصله، وَجَاز فِي اسْم الْفَاعِل أَن ينصب إِذا أُرِيد بِهِ الْحَال والاستقبال، حملا على الْمُضَارع لما بَينهمَا من الشّبَه.

فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم جَازَ فِي اسْم الْفَاعِل - إِذا أُرِيد بِهِ الْحَال والاستقبال - الْجَرّ، وَقد اسْتَقَرَّتْ مشابهته للْفِعْل، وهلا امْتنع من الْجَرّ، كَمَا امْتنع (36 / أ) الْفِعْل الْمُضَارع من الْبناء، إِذْ كَانَ بِحُصُول شبهه بالأسماء يسْتَحق الْإِعْرَاب؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015