إِن قَالَ قَائِل: مَا الأَصْل فِي (حب) ؟
قيل لَهُ: الأَصْل فِيهِ (فعل) على وزن (كرم) ، فحذفت الضمة من الْبَاء الأولى وأدغمت فِي الْبَاء الثَّانِيَة.
وَإِنَّمَا حكمنَا عَلَيْهَا ب (فعل) من وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن اسْم الْفَاعِل مِنْهَا (حبيب) ، و (فعيل) أَكثر مَا يكون (35 / أ) لما ماضيه على (فعل) ، نَحْو: كرم فَهُوَ كريم، وَلِأَن الْأَفْعَال إِذا أُرِيد مِنْهَا على مَا يُرَاد فِي (نعم وَبئسَ) ، فَأكْثر مَا يسْتَعْمل على (فعل) كَقَوْلِك: حسن رجلا زيد، فَلَمَّا اسْتعْملت (حبذا) اسْتِعْمَال (نعم) - وَإِن كَانَت نعم على وزن (فعل) - وَجب أَن يحمل (حبذا) على (فعل) ، لِكَثْرَة (فعل) فِي هَذَا الْبَاب.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا الَّذِي أحْوج أَن يَجْعَل (حب) مَعَ (ذَا) اسْما وَاحِدًا؟
قيل: يجوز أَن يكون الْغَرَض تَخْفيف اللَّفْظ، لأَنهم إِذا قدروها بِمَنْزِلَة شَيْء استغنوا عَن تَثْنِيَة (ذَا) وتأنيثه، فَلهَذَا جعلا شَيْئا وَاحِدًا.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم صَار لفظ التَّذْكِير أولى من لفظ التَّأْنِيث؟
قيل لَهُ: لِأَن الْمُذكر قبل الْمُؤَنَّث، وَهُوَ كالأصل لَهُ، فَلَمَّا أَرَادوا تركيب حرف اسْم، كَانَ تركيبه مَعَ الْمُذكر السَّابِق للمؤنث أولى من الْمُؤَنَّث.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم خص بالتركيب مَعَ (ذَا) من بَين سَائِر الْأَسْمَاء؟