علل النحو (صفحة 15)

حركات الْإِعْرَاب، أَرَادوا أَن يبقوا هَذَا الحكم فِيهَا، ليدل بذلك على أَنَّهَا مِمَّا يَصح أَن يعرب بالحركات فِي حَال الِانْفِرَاد، فَوَجَبَ أَن يضموا أوساطها فِي الرّفْع، فَلَمَّا ضمُّوا وَسطهَا انْقَلب آخرهَا واوا، لِأَن أَصْلهَا (فعل) ، فَحق أواخرها أَن تقلب ألفا، لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا، وَالْألف مَتى انْضَمَّ مَا قبلهَا صَارَت واوا، وَكَذَلِكَ إِذا انْكَسَرَ مَا قبلهَا صَارَت ياءا، فَلهَذَا وَجب أَن تخْتَلف أَوَاخِر هَذِه الْأَسْمَاء بالحروف.

وَاعْلَم أَن الْإِعْرَاب فِي الْحَقِيقَة مُقَدّر فِي هَذِه الْحُرُوف، إِذْ شَرط الْإِعْرَاب أَن يكون زِيَادَة على بِنَاء الِاسْم، وَلَا يجوز أَن يكون مَا تفْتَقر إِلَيْهِ الْكَلِمَة من بنائها إعرابا، وَإِذا كَانَ كَذَلِك، فالإعراب مُقَدّر كَمَا يقدر فِي الْأَسْمَاء الْمَقْصُورَة وسنبين لم وَجب تَقْدِيره، وَلم يسْتَحق اللَّفْظ، فِي مَوْضِعه.

فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم وَجب أَن يكون الْإِعْرَاب فِي آخر الْكَلِمَة دون أَولهَا ووسطها؟

فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن الْأَوَائِل لَا يَصح أَن تكون مَوَاضِع الْإِعْرَاب لوَجْهَيْنِ:

أَحدهمَا: أَن بعض الْإِعْرَاب سُكُون، فَلَو أعربت الْأَوَائِل لَأَدَّى ذَلِك أَن يبتدأ بالساكن، وَهَذَا محَال، لِأَن الِابْتِدَاء مهيج للنطق، فَلَا يجوز أَن يثير تهيجه حَرَكَة مَعَ الْحَرْف، وَلَو جَازَ الِابْتِدَاء بالساكن، لَكَانَ ذَلِك شَائِعا فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015