علل النحو (صفحة 138)

(البراغيث) بَدَلا من الْوَاو.

وَوجه ثَالِث:: وَهُوَ الَّذِي قَصده سِيبَوَيْهٍ، أَن تكون الْوَاو عَلامَة للْجمع، كَمَا التَّاء فِي الْفِعْل عَلامَة للتأنيث وَيُرَاد بهَا أَن الْفِعْل لمؤنث، فَكَذَلِك يُرَاد بِالْوَاو أَن الْفِعْل لجَماعَة.

فَلَو قَالَ قَائِل: إِذا كَانَ الْفِعْل قد يكون لوَاحِد، وَقد يكون لجَماعَة، كَمَا يكون للمذكر والمؤنث، فَهَلا لَزِمت عَلامَة التَّثْنِيَة وَالْجمع فِي الْفِعْل، كَمَا لَزِمت عَلامَة التَّأْنِيث؟

فالفصل بَينهمَا أَن التَّأْنِيث لَازم للاسم، لِأَنَّهُ معنى لَا يَنْفَكّ عَنهُ الْمُؤَنَّث، فَوَجَبَ أَن تلْزم علامته، وَأما التَّثْنِيَة وَالْجمع فَلَيْسَتْ بلازمة، لِأَن مَا يثنى وَيجمع يجوز عَلَيْهِ الْإِفْرَاد، فَلهَذَا لم تلْزم علامتهما كَمَا تلْزم فِي الِاسْم، فاعرفه.

وَاعْلَم أَن الْوَاو الَّتِي تكون عَلامَة للْجمع هِيَ حرف وَلَيْسَت باسم، وَالَّتِي هِيَ ضمير أَسمَاء الفاعلين هِيَ اسْم لَا حرف، وَإِنَّمَا وَجب أَن تكون الأولى حرفنا لِأَنَّهَا دخلت عَلامَة، كَمَا تدخل تَاء التَّأْنِيث عَلامَة، والعلامة حَقّهَا أَن تكون بالحروف لَا بالأسماء، فَلهَذَا افْتَرقَا.

فَإِن قَالَ قَائِل: مَا الدَّلِيل على أَن لفظ التَّثْنِيَة وَالْجمع اللاحقين للْفِعْل هما عَلامَة على مَا ذكرْتُمْ وليستا بتثنية الْفِعْل وَلَا جمعه؟

فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن الْأَفْعَال لَا تصح تثنيتها وَلَا جمعهَا من وُجُوه:

أَحدهَا: أَن الْفِعْل لَو ثني وَجمع من أجل أَنه من اثْنَيْنِ أَو جمَاعَة، لجَاز أَيْضا أَن يثنى وَيجمع مَعَ فَاعل وَاحِد، إِذْ كَانَ الْفِعْل قد يتَكَرَّر من الْفَاعِل الْوَاحِد، كَمَا يتَكَرَّر من الفاعلين، فَكَانَ أولى بتثنيته وَجمعه مَعَ الْوَاحِد، لِأَن الْفَاعِل إِذا كَانَ أَكثر من وَاحِد، جَازَ أَن يقْتَصر بِمَا ظهر من تَثْنِيَة الْفَاعِل وَجمعه عَن تَثْنِيَة الْفِعْل وَجمعه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015