تَنْبِيهَاتٌ

الأَوَّلُ: يَظْهَرُ لنا أنَّ ابنَ أبي حاتمٍ جَمَعَ كثيرًا من مادَّةِ الكتابِ في حَيَاةِ أبيه وأبي زُرْعة، لكنَّه لم يصنِّفْ كتابَهُ هذا إلاَّ بَعْدَ وفاةِ أبيه؛ يُشْعِرُ بذلك قولُهُ في المسألة رَقْم (108) : «وحِفْظِي عن أبي _ح» ، ولو كان أبوه حَيًّا لَسَأَلَهُ، ولَمَا احتاجَ إلى الاعتمادِ على حِفْظه، وصِيغَةُ الترحُّمِ قرينةٌ قويَّةٌ في هذه المسألةِ وفي مَسَائِلَ أُخْرَى؛ كالمسألتَيْنِ رَقْم: (124 و1875) ، وفي المسألة رَقْم (1936) في حديثٍ من رواية أبي سَعِيدٍ مولى الجَرَادِيِّينَ بيَّن أبو حاتمٍ أنَّ أبا سعيدٍ هَذَا هو الحَسَنُ بْن دِينَارٍ، ثم قال ابن أبي حاتم: «فذكَرْتُ هَذَا الحديثَ لابْنِ جُنَيْدٍ الحافظِ، فَقَالَ: كَانَ إسحاقُ بْنُ أَبِي كاملٍ البَاوَرْدِيُّ ببغدادَ، يَسْأَلُ عَنْ هَذَا الْحَدِيث، وكنا نَرَى أَنَّهُ غريبٌ؛ فقد أفسَدَ علينا أَبُو حاتمٍ _ح لَمَّا بيَّن أنه الحَسَنُ ابن دِينَارٍ!» .

ولعلَّ مِنْ أقوى الدلائلِ على هذا: ما جاء في المسألةِ رَقْم (1004) في حديثٍ رواه سَلْمُ ابنُ مَيْمُونٍ الخَوَّاصُ، فقال ابنُ أبي حاتم: فَسَمِعْتُ محمَّدَ بْنَ عَوْف يَقُولُ: «غَلِطَ سَلْمُ ابنُ مَيْمُونٍ فِي هَذَا الحديثِ» . وَلَمْ يُبَيِّنْ أكثَرَ مِنْ هَذَا، وَلَمْ يُبَيِّنِ الصحيحَ مَا هُوَ، وَلَمْ يَتَّفِقْ لِي سؤالُ أَبِي عَنْ ذَلِكَ!! فسأَلْتُ عليَّ بنَ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْد - حافِظَ حديثِ الزُّهْرِيِّ - وذكَرْتُ لَهُ هَذَا الحديثَ؟ فَقَالَ: «الصحيحُ: الزُّهْرِيُّ، عَنِ ابنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّه، عَنِ النبي (ص) » . اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015