وانتزع كَذَلِك أَربع مدن رئيسية من أعز خمس مدن عَلَيْهِ فِي الْعَالم وَهِي: (الْقُدس، وإنطاكية، ونيقيه، والقسطنطينية) وَبَات يهدد الْخَامِسَة بِالْفَتْح وَهِي (روما) .

وَفَوق هَذَا كُله فقد قضى على إمبراطوريته البيزنطية الَّتِي كَانَ يعْتَبر إمبراطورها رَأْسا للْعَالم النَّصْرَانِي، ونائباً عَن الله - تبَارك وَتَعَالَى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا.

وَهَكَذَا وجد المعسكر النَّصْرَانِي الصليبي نَفسه أَمَام عَدو طعنه طعنات نجلاء، وجرحه جروحاً غائرة لَا تندمل، وَلَا يُمكن أَن تندمل حَتَّى يثأر لنَفسِهِ مِنْهُ، وَيسْتَرد - بِزَعْمِهِ وتصوره - مكانته

وَسَائِر مَا انتزعه الْإِسْلَام مِنْهُ من الْبِلَاد والعباد، وهداها الله تَعَالَى بِهِ..

إِلَّا أَن أَشد مَا أثار المعسكر النَّصْرَانِي الصليبي وأقامه وَلنْ يقعده هُوَ فتح الْإِسْلَام لبلاد الشَّام وفيهَا (الْقُدس) وَقد رَأينَا حسرته ولوعته الَّتِي بَدَت بصرخة رَأس من رؤوسه وَهُوَ هِرقل حِين خرج مِنْهَا وَهُوَ يَقُول: "الْوَدَاع. الْوَدَاع يَا سورية. وداعاً لَا لِقَاء بعده". وَكَذَلِكَ فتح الْإِسْلَام للقسطنطينية وَتَحْوِيلهَا إِلَى دَار إِسْلَام (إِسْلَام بَوْل) .

إِن اهتمام المعسكر النَّصْرَانِي الصليبي بالقدس والقسطنطينية جعله يجْهد بدأب واستمرار وعَلى كَافَّة المستويات مُنْذُ فتحهما الله تَعَالَى على يَد الْمُسلمين وَحَتَّى اللحظة الْحَاضِرَة لانتزاعهما من أَيدي الْمُسلمين وإعادتهما مركزين أوليين من مراكز الصَّلِيب.. وَإِن أَيَّة دراسة وَاعِيَة للحروب الصليبية تكشف لنا أَن انتزاع (الْقُدس) من أَيدي الْمُسلمين هُوَ فِي رَأس الْقَائِمَة1 قَائِمَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015