تيمية أيضا فيقول: المشركون من الصابئة ونحوهم لما عبدوا الكواكب والملائكة، وجعلوها وسائط بين الله وبين خلقه، جادلوا الحنفاء الذين يتبعون الرسل ولا يعبدون إلا الله فقالوا: نحن نتخذ الروحانيين وسائط، وأنتم تتخذون البشر. فأخذ يعارضهم طائفة كالشهرستاني في الملل والنحل وغيره، ويذكرون أن توسط البشر أولى من توسط الروحانيين فبنوا معارضتهم على أصل فاسد، وهومقايسة وسائط أولئك بوسائط الحنفاء، وهذا جهل بدين الحنفاء، فإنه ليس بينهم وبين الله واسطة في العبادة، وإنما الرسل بلَّغتهم أمر الله فهم وسائط في التبليغ كدليل الحاج، وإمام الصلاة، وبعض من دخل دين الصابئة والمشركين ظنوا أن شفاعة الرسول لأمته لا تحتاج إلى دعاء منه، بل الرحمة التي تفيض على الرسول تفيض على المستشفع من غير شعور من الرسول ولا دعاء منه ومثلوا ذلك بانعكاس شعاع الشمس إذا وقع على جسم صقيل ثم انعكس على غيره، وكما أن انعكاس الشعاع يحتاج إلى المحاذاة فكذلك الفيض لابد فيه من توجه الإنسان إلى النفوس الفاضلة، وجعلوا الفائدة في زيارة قبورهم من هذا الوجه، وقالوا إن الأرواح المفارقة تجتمع هي والأرواح الزائرة فيقوى تأثيرها، وهذه المعاني ذكرها طائفة من الفلاسفة، ومن أخذ عنهم كابن سينا وأبي حامد وغيرهم، وهذه من أصول عباد الأصنام، وهي من المقاييس التي قال فيها بعض السلف: ما عبدت الشمس والقمر إلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015