وسلم واسم أبيه اسم أبيه ويقال له المهدي يتولى أمرة المسلمين ويصلي عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم خلفه وذلك لدلالة الأحاديث الكثيرة المستفيضة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تلقتها الأمة بالقبول واعتقدت موجبها إلا من شذ رأيت أن يكون الكلام حول هذا الأمر موضوع محاضرتي وذلك لأمرين:
الأول: - أن الأحاديث الواردة في المهدي لم ترد في الصحيحين على وجه التفصيل بل جاءت مجملة، وقد وردت في غيرهما مفسرة لما فيهما فقد يظن ظان أن ذلك يقلل من شأنها وذلك خطأ واضح فالصحيح بل والحسن في غير الصحيحين مقبول معتمد عند أهل الحديث.
الثاني: - أن بعض الكتاب في هذا العصر أقدم على الطعن في الأحاديث الواردة في المهدي بغير علم بل بجهل أو بالتقليد لأحد لم يكن من أهل العناية بالحديث وقد اطلعت على تعليق لعبد الرحمن محمد عثمان على كتاب تحفة الأحوذي الذي طبع أخيرا في مصر قال في الجزء السادس في باب ما جاء في الخلفاء، قال في تعليقه: "يرى الكثيرون من العلماء أن كل ما ورد من أحاديث عن المهدي إنما هي موضع شك وأنها لا تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل إنها من وضع الشيعة"، انتهى. وقال معلقا بشأن المهدي في باب ما جاء في تقارب الزمن وقصر الأمل في الجزء المذكور: "ويرى الكثيرون من العلماء الثقاة الأثبات أن ما ورد من أحاديث خاصة بالمهدي ليست إلا من وضع الباطنية والشيعة وأضرابهم وأنها لا تصح نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم"، انتهى بل لقد تجرأ بعضهم إلى ما هو أكثر من ذلك فنجد محي الدين عبد الحميد يقول في تعليقه على الحاوي للفتاوى للسيوطي، يقول في آخر جزء في العرف الوردي في أخبار المهدي ص 166من الجزء الثاني: "يرى بعض الباحثين أن كل ما ورد عن المهدي وعن الدجال من الاسرائيليات"، انتهى. وأخطر من ذلك وأطم تعليق أبو رية رئيس بعثة الأزهر في لبنان في العام الماضي على كتاب النهاية لابن كثير بما معناه أن ما جاء من الأحاديث في شأن المهدي ونزول عيسى بن مريم والدجال إنما هو رمز لانتصار الحق على الباطل.
لهذين الأمرين ولكون الواجب على كل مسلم ناصح لنفسه أن لا يتردد في تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يخبر به رأيت أن يكون الكلام حول هذا الأمر موضوع محاضرتي كما قلت وقد جعلت عنوانها عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر. .
ولكي تكون أيها المستمع على علم مقدما بعناصر المحاضرة أسوقها لك فيما يلي: