فالذي يتضح مما تقدم ذكره أن الإمام زيد بن علي كان يرى أن أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ولم يقل إن علياً أفضل الصحابة رضي الله عنهم، وإنما كان مقتفياً ما كان عليه أهل بيته وفي مقدمتهم أبو الحسن علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي أعلن للأمة المحمدية أن أفضل الناس بعد المصطفى صلى الله عليه وسلم الصديق، ثم الفاروق، وعلى هذا المعتقد تتابع علماء أهل البيت قاطبة، ولم يشذ أحد منهم عن هذه العقيدة.

ومما تجدر الإشارة إليه أن موقف زيد بن علي من الخليفة الثالث ذي النورين عثمان لم يختلف عن موقفه من أبي بكر وعمر، وإنما كان موالياً لعثمان مترضياً عليه، رافضاً للبراءة منه، بل كان يقرنه بأبي بكر وعمر وعلي، ولم يكن متوقفاً فيه كما يرى ذلك بعض المتأخرين1.

فقد روى الخطيب البغدادي بإسناده إلى زيد رحمه الله أنه قال: "البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان البراءة من علي والبراءة من علي البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان"2.

وروى الحافظ ابن عساكر بإسناده إلى السدي، قال: أتيته ـ أي زيد ـ وهو في بارق حي من أحياء الكوفة، فقلت له: أنتم سادتنا، وأنتم ولاة أمورنا فما تقول في أبي بكر وعمر؟، فقال: تولهما، وكان يقول: البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان البراءة من علي، والبراءة من علي البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان، وفي رواية: البراءة من أبي بكر وعمر البراءة من علي، فإن شئت فتقدم، وإن شئت فتأخر"3.

وقال محمود شكري الألوسي في صدد ذكره للقاء زيد بن علي بمن أراد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015