مجتهداً فيها، وقد بينت فساد ما نقموا به على عثمان في مبحث مستقل من هذه الرسالة1 بما يشفي قلب كل من سلم من داء الرفض، وأما تكفيرهم عائشة والزبير وطلحة رضي الله عنهم بحجة أنهم خرجوا لمقاتلة علي، فهي حجة أوهى من بيت العنكبوت، وكذب عليهم، إذ أنهم لم يخرجوا لقتاله رضي الله عنه، ولا أعلنوا عدم طاعته ولا بايعوا بالخلافة غيره، وإنما خرجوا إلى البصرة لقصد الإصلاح وطلب إقامة الحد على قتلة عثمان "ولم يقصد علي رضي الله عنه قتالهم، بل أجابهم إلى ما طلبوا من إقامة الحد على أولئك الأشرار قتلة عثمان، ولما علم أولئك الفسقة أن الدائرة راجعة عليهم سعوا جادين في إنشاب القتال بين الفريقين فحمل كل فريق منهم دفعاً عن نفسه دون قصد منهم للقتال"2، وكذا اقتتالهم في صفين كان عن اجتهاد وتأويل، إذ أن معاوية: "لم يدع الخلافة ولم يبايع له فيها حين قاتل علياً ولم يقاتل على أنه خليفة، ولا أنه يستحق الخلافة ويقرون له بذلك، وكان هو يقر بذلك لمن يسأله، وما كان يرى هو وأصحابه أن يبتدئوا علياً وأصحابه بالقتال، بل لما رأى علي رضي الله تعالى عنه وأصحابه أنه يجب على معاوية وأصحابه طاعته ومبايعته إذ لا يكون للمسلمين إلا خليفة واحد وأنهم خارجون عن طاعته يمتنعون عن هذا الواجب وهم أهل شوكة رأى أن يقاتلهم حتى يؤدوا الواجب فتحصل الطاعة والجماعة، وقال معاوية وأصحابه: إن ذلك لا يجب عليهم، وأنهم إذا قوتلوا كانوا مظلومين، قالوا: لأن عثمان قتل مظلوماً باتفاق المسلمين، وقتلته في عسكر علي وهم غالبون لهم شوكة"3.

فالفتن التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم يجب أن يكون حظ العاقل منها حسن الظن بالصحابة رضوان الله عليهم أجمعين والسكوت عن الكلام فيهم إلا بخير والترضي عنهم جميعاً وموالاتهم ومحبتهم والجزم أنهم دائرون في اجتهاداتهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015