مخلاف1 وأوصاهما عليه الصلاة والسلام بأن ييسرا ولا يعسرا وأن يبشرا ولا ينفرا2 وما توليته عليه الصلاة والسلام لأبي موسى إلا لعلمه بصلاحه للإمارة.

قال العلامة ابن حجر رحمه الله عند شرحه لحديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى ومعاذاً إلى اليمن: "واستدل به على أن أبا موسى كان عالماً فطناً حاذقاً، ولولا ذلك لم يوله النبي صلى الله عليه وسلم الإمارة، ولو كان فوض الحكم لغيره لم يحتج إلى توصيته بما وصاه به، ولذلك اعتمد عليه عمر، ثم عثمان، ثم علي وأما الخوارج والروافض فطعنوا فيه ونسبوه إلى الغفلة وعدم الفطنة لما صدر منه في التحكيم بصفين3 فالتحكيم لم يقع فيه خداع ولا مكر ولم تتخلله بلاهة ولا غفلة، وأن عمراً لم يغالط أبا موسى ولم يخدعه ولم يقرر في التحكيم غير الذي قرره أبو موسى ولم يخرج عما اتفقا عليه من تفويض الحسم في موضع النزاع إلى النفر الذين بقوا على قيد الحياة ممن توفي عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راضٍ عنهم.

قال ابن كثير: "والحكمان كانا من خيار الصحابة وهما: عمرو بن العاص السهمي ـ من جهة أهل الشام والثاني: أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري ـ من جهة أهل العراق، وإنما نصبا ليصلحا بين الناس ويتفقا على أمر فيه رفق بالمسلمين وحقن لدمائهم وكذلك وقع"4.

وإذا كان قرارهما الذي اتفقا عليه لم يتم فما في ذلك تقصير منهما فهما قد قاما بمهمتهما بحسب ما أدى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015