سئل ابن عباس عن قوله تعالى: {قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} فقلت: ألا تؤذوا محمداً في قرابته فقال ابن عباس: عجلت إنه لم يكن بطن من قريش إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة فقال: "لا أسألكم عليه أجراً لكن أسألكم أن تصلوا القرابة التي بيني وبينكم" 1.
فهذا ابن عباس ترجمان القرآن وأعلم أهل البيت بعد علي ليس معناها مودة ذي القربى لكن معناها: لا أسألكم يا معشر العرب ويا معشر قريش عليه أجراً لكن أسألكم أن تصلوا القرابة التي بيني وبينكم، فهو سأل الناس الذين أرسل إليهم أولاً أن يصلوا رحمه فلا يعتدوا عليه حتى يبلغ الرسالة.
الوجه الخامس: أنه قال لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى: لم يقل: إلا المودة للقربى ولا المودة لذوي القربى فلو أراد المودة لذوي القربى لقال: المودة لذوي القربى كما قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} 2 وكذلك قوله: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} 3 وهكذا في غير موضع فجميع ما في القرآن من التوصية بحقوق ذوي قربى النبي صلى الله عليه وسلم وذوي قربى الإنسان إنما قيل فيها ذوي القربى لم يقل: في القربى فلما ذكر هذا المصدر دون الاسم دل على أنه لم يرد ذوي القربى.
الوجه السادس: يقال لهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يسأل عن تبليغ رسالة ربه أجراً البتة بل أجره على الله كما قال تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} 4 {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ} 5 ولا ريب أن محبة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم واجبة لكن لم يثبت