ولو كان المراد بمن دعاه معه أن يستجاب دعاؤه لدعا المؤمنين كلهم ودعا بهم كما كان يستسقي بهم وكما كان يستفتح بصعاليك المهاجرين وكان يقول: "فهل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم"1 أي: بدعائهم وصلاتهم وإخلاصهم ومن المعلوم وإن كان علي وفاطمة والحسن والحسين مجابي الدعوة فكثرة الدعاء أبلغ في الإجابة لكن لم يكن المقصود من دعوة من دعاه إجابة دعائه بل لأجل المقابلة بين الأهل والأهل، ومن المعلوم بالضرورة لدى كل مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لو دعا أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وغيرهم للمباهلة لكانوا من أعظم الناس استجابة لأمره وكان دعاء هؤلاء وغيرهم أبلغ في إجابة الدعاء لكن لم يأمره الله ـ سبحانه ـ بأخذهم لأنه لم يحصل به المقصود فإن المقصود أن أولئك يأتون بمن يشفقون عليه طبعاً كأبنائهم ونسائهم ورجالهم الذين هم أقرب الناس إليهم فلو دعا النبي صلى الله عليه وسلم قوماً أجانب لأتى أولئك بأجانب ولم يكن يشتد عليهم نزول البهلة بأولئك الأجانب كما يشتد عليهم نزولها بالأقربين إليهم فإن طبع البشر يخاف على أقربيه ما لا يخاف على الأجانب فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو قرابته وأن يدعو أولئك قرابتهم"2.
فتبين مما تقدم ذكره عن أهل العلم أن الآية ليست فيها ما يدل على إمامة علي وبنيه كما يزعم الشيعة ذلك وأن استدلال الشيعة بها على هذا المطلب تعسف منهم وتلكف خاطئ وفاسد وغاية ما تدل عليه الآية هو اختصاص علي رضي الله عنه بهذه المنقبة على غيره من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين وكون الرسول صلى الله عليه وسلم أشركه في المباهلة إنما هو إرضاء للخصم وإفحام له إذ المعروف من طبيعة الإنسان ألا يعرض أقاربه للهلاك فكونه عليه الصلاة والسلام يدعو ألصق الناس به وأقربهم إليه دليل واضح على صحة نبوته ولهذا لما رأى نصارى