هذا الفريق بحديث المرأة التي قال لها: "إن لم تجديني فأتي أبا بكر" وبقوله لعائشة رضي الله عنها: "ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتاباً فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل أنا أولى ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر" وحديث رؤياه صلى الله عليه وسلم:"أنه على حوض يسقي الناس فجاء أبو بكر فنزع الدلو من يده ليروحه" وكل هذه الأحاديث تقدم تخريجها قريباً في هذا المبحث.
والقول الذي يطمئن إليه القلب وترتاح له النفس في خلافة أبي بكر رضي الله عنه أن يقال: إن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يأمر المسلمين بأن يكون الخليفة عليهم من بعده أبا بكر رضي الله عنه وإنما دلهم عليها لإعلام الله ـ سبحانه ـ له بأن المسلمين سيختارونه لما له من الفضائل العالية التي ورد بها القرآن والسنة وفاق بها غيره من جميع الأمة المحمدية رضي الله عنه وأرضاه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بعد ذكره للخلاف الوارد في خلافة الصديق هل ثبتت بالنص الجلي، أو الخفي: "والتحقيق أن النبي صلى الله عليه وسلم دل المسلمين على استخلاف أبي بكر وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله وأخبر بخلافته إخبار راض بذلك حامد له وعزم على أن يكتب بذلك عهداً ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه فترك الكتاب اكتفاء بذلك ... فلو كان التعيين مما يشتبه على الأمة لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم بياناً قاطعاً للعذر ولكن لما دلهم دلالات متعددة على أن أبا بكر هو المتعين وفهموا ذلك حصل المقصود ولهذا قال عمر بن الخطاب في خطبته التي خطبها بمحضر من المهاجرين والأنصار: وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر، رواه البخاري ومسلم.." إلى أن قال ـ "فخلافة أبي بكر الصديق دلت النصوص الصحيحة على صحتها وثبوتها ورضا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم له بها وانعقدت بمبايعة المسلمين له واختيارهم إياه اختياراً استندوا فيه إلى ما علموه من تفضيل الله ورسوله وأنه أحقهم بهذا الأمر عند الله ورسوله فصارت ثابتة بالنص والإجماع جميعاً لكن النص دل على