منه حتى قبضه الله"1.
فدلت الآية السابقة على خلافة الصديق حيث حصل في خلافته ما نطقت به الآية من ارتداد الكثير من العرب عن الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وجاهدهم أبو بكر رضي الله عنه هو والصحابة الكرام رضي الله عنهم حتى رجعوا إلى الإسلام كما أخبر الله تعالى في الآية وهذا من الكائنات التي أخبر بها الرب ـ جل وعلا ـ قبل وقوعها.
3/ قال تعالى: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} 2 ففي هذه الآية الكريمة جعل الله أبا بكر في مقابلة الصحابة أجمع حيث خاطبهم بأنهم إن لم يعينوا رسوله صلى الله عليه وسلم بالنفير معه للمقاتلة في سبيل الله فقد نصره بصاحبه أبي بكر رضي الله عنه وأيده بجنود من الملائكة ثم بين ـ تعالى ـ أنه ثاني اثنين ـ ثالثهما رب العالمين وهذه الميزة الشريفة والمنزلة العظيمة اعتبرها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفاته العالية التي جعلته أحق الناس بالإمامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم3 لأنه لا أفضل في الأمة المحمدية من أبي بكر الذي هو ثاني اثنين قال عليه الصلاة والسلام في شأنهما: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما" 4.
قال أبو عبد الله القرطبي: "قال بعض العلماء في قوله تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} ما يدل على أن الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه لأن الخليفة لا يكون إلا ثانياً وسمعت شيخنا أبا العباس أحمد بن عمر يقول: إنما استحق الصديق أن يقال له ثاني اثنين لقيامه بعد النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر كقيام النبي صلى الله عليه وسلم به أولا، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ارتدت العرب