بإسناده إلى فاطمة رضي الله عنها قالت: "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً وأنا عند عائشة فناجاني فبكيت.. وفيه أنه قال لها: "وإنه لم ترزأ امرأة من نساء العالمين بمثل ما رزئت، ولا تكوني دون امرأة صبراً" قالت: فبكيت، ثم قال: "أنت سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم البتول" فتوفي عامه ذلك"1.
وهي رضي الله عنها أول من توفي بعد النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته باتفاق أهل العلم حتى من أزواجه2 حيث لم تلبس بعده إلا ستة أشهر كما في صحيح مسلم رحمه الله تعالى من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر"3.
والذي أخلص إليه في هذا الفصل الذي اشتمل على فضل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة يثبتون لهم كل ما صح في فضلهم عموماً وخصوصاً ويعتقدونه اعتقاداً جازماً ولا يبخسونهم منه شيئاً بل يرعون لهم حرمتهم وقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويوالونهم ويحبونهم لإسلامهم وسبقهم وحسن بلائهم في نصرة دين الله ـ عز وجل ـ.
وقد حرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى معتقد الفرقة الناجية في آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال في سياق عرضه لعقيدة أهل السنة والجماعة: "ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال يوم غدير خم: "أذكركم الله في أهل بيتي"4 ... ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة خصوصاً خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده، وأول من آمن به وعاضده على أمره وكان لها منه المنزلة العالية، والصديقة بنت الصديق رضي الله عنها التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد