فمات وبه كان يكنى أولاً، ثم اكتنى بابنه عمرو، وتوفيت وقد انتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر يوم الفرقان يوم التقى الجمعان ولما أن جاء البشير بالنصر إلى المدينة ـ وهو زيد بن حارثة ـ وجدهم قد ساووا على قبرها التراب1، وكان عثمان قد أقام عليها يمرضها بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب له بسهمه وأجره ولما رجع زوجه بأختها أم كلثوم أيضاً، ولهذا كان يقال له: ذو النورين ثم ماتت عنده في شعبان سنة تسع ولم تلد له شيئاً وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كانت عندي ثالثة لزوجتها عثمان" وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كن عشراً لزوجتهن عثمان" 2.
وما تقدم من الآثار وبعض الأحاديث كلها تدل على فضل رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أراد الله ـ جل وعلا ـ ألا تبقى بضعة من المصطفى عليه الصلاة والسلام في عصمة كافر فقد أخرج الله ابنتيه رقية وأم كلثوم من عصمة ابني أبي لهب وكتب الله لرقية أن تتزوج بعد مفارقة ابن أبي لهب لها برجل كريم تستحي منه الملائكة فكان نعم الزوج لها ونعمت الزوجة له، هاجرا معاً إلى أرض الحبشة ليحصلا على مكان يعبدان الله تعالى فيه ليأمنا من اعتداء أهل الكفر والإشراك بالله، ورغبة صادقة منهما في حصول ثواب الهجرة الذي لا يعدله شيء، وكانت لها رضي الله عنها منزلة عظيمة عند النبي صلى الله عليه وسلم يدل عليها إذنه عليه الصلاة والسلام لعثمان في أن يتأخر عن غزوة بدر التي هي أول معركة عظمى يخوضها جيش الإيمان مع جيش الكفر والشرك الذي جاء من مكة وأمره أن يتأخر لتمريضها رضي الله عنها وضرب له بسهمه في الغنيمة وأجره عند الله تعالى يوم القيامة كمن حضر الغزوة، كل ذلك تعظيم لشأن رقية رضي الله عنها وأرضاها ولما لها من المكانة العالية عنده صلى الله عليه وسلم.