وقلة من كان في السبي مثل صفية في نفاستها، فلو خصه بها لأمكن تغير خاطر بعضهم فكان من المصلحة العامة ارتجاعها منه واختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بها فإن في ذلك رضا الجميع وليس ذلك من الرجوع في الهبة من شيء، وأما إطلاق الشراء على العوض فعلى سبيل المجاز، ولعله عوضه عنها بنت عمها أو بنت عم زوجها1، فلم تطب نفسه فأعطاه من جملة السبي زيادة على ذلك.

وعند ابن سعد من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس وأصله في مسلم: "صارت صفية لدحية فجعلوا يمدحونها فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطى بها دحية ما رضي"2.

2- ومما دل على عظيم شأنها وجلالة قدرها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع لها ركبته لتصعد من عليها للركوب على البعير حال رجوعه عليه الصلاة والسلام من غزوة خيبر فكانت تجله وتكرمه عليه الصلاة والسلام من أن تضع رجلها على فخذه وإنما كانت تضع ركبتها على فخذه حتى تركب. فقد روى البخاري بإسناده إلى أنس رضي الله عنه قال: "قدمنا خيبر فلما فتح الله عليه الحصن ذكر له جمال صفية بنت حيي بن أخطب وقد قتل زوجها وكانت عروساً فاصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه فخرج حتى بلغنا سد الصهباء حلت فبنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صنع حيساً في نطع صغير ثم قال لي: آذن من حولك فكانت تلك وليمته على صفية ثم خرجنا إلى المدينة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يحوي لها وراءه بعباءة ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته وتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب"3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015