هذا الحديث فيه منقبة ظاهرة لعائشة رضي الله عنها حيث بين عليه الصلاة والسلام لابنته فاطمة سيدة نساء أهل الجنة أنه يحب عائشة وأشار لها أن عليها محبتها.
قال النووي رحمه الله تعالى: "اعلم أنه ليس فيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لعائشة ولا أشار بعينه ولا غيرها بل لا يحل اعتقاد ذلك فإنه صلى الله عليه وسلم تحرم عليه خائنة الأعين وإنما فيه أنها انتصرت لنفسها فلم ينهها وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "إنها ابنة أبي بكر" فمعناه الإشارة إلى كمال فهمها وحسن نظرها والله أعلم"1.
والعدل الذي طلبه أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو التسوية بينهن في محبة القلب فقد كان صلى الله عليه وسلم مسوياً بينهن في الأفعال والمبيت ونحوه وأما محبة القلب فقد كان صلى الله عليه وسلم يحب عائشة أكثر منهن وأجمع المسلمون على أن محبتهن لا تكليف فيها لأنه لا قدرة لأحد عليها إلا الله سبحانه وتعالى وإنما يؤمر بالعدل في الأفعال"2.
8- ومن مناقبها رضي الله عنها التي دلت على عظيم شأنها ورفعه مكانتها شهادة الباري جل وعلا لها بالبراءة مما رميت به من الإفك وذلك أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ولما أراد الخروج في غزوة بني المصطلق أقرع بينهن فخرج سهم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها وذلك بعد أن نزل الحجاب فحملت عائشة في هودجها ولما فرغ صلى الله عليه وسلم من هذه الغزوة تجهز للعودة فلما قرب من المدينة آذن ليلة بالرحيل فقامت عائشة رضي الله عنها حين آذنوا بالرحيل ومشت حتى جاوزت مكان الجيش فلما قضت من شأنها أقبلت إلى الرحيل فلمست صدرها وإذ بعقد لها قد انقطع فرجعت للبحث عنه فتأخرت في طلب ذلك العقد وجاء الرهط الذين كانوا يحملون هودجها فرحلوه على بعيرها الذي كانت تركبه وهم يظنونها فيه ولخفتها رضي الله عنها لم يستنكروا عدم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه وبعثوا