عنه، وفي المخذول عبد الرحمن بن ملجم الخارجي، وليس هناك من دافع لنافع بن الأزرق وحفص بن أبي المقدام لتأويلهما الآيتين بما تقدم ذكره إلا اتباع الهوى والبغض الذي امتلأ به قلوب الخوارج لعلي رضي الله عنه الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم أنه "لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق"1، فالخوارج الذين يبغضون علياً لهم النصيب الأكبر من هذا الوعيد الذي يتعرض له من أبغض رابع الخلفاء الراشدين.
ومن المطاعن التي طعن بها الخوارج على علي رضي الله عنه على وجه الخصوص ما زعمه حفص بن أبي المقدام من أن قوله تعالى: {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا} 2 فقد زعم هذا الأفاك الأثيم أن علياً هو الحيران الذي ذكره الله في هذه الآية، وأن أصحابه الذين يدعونه إلى الهدى أهل النهروان3.
والرد على هذا الإباضي الذي كان زعيم الحفصية من الإباضية.
أن تأويله الآية بهذا محض افتراء على الله وتقول عليه سبحانه بغير علم، فالآية الكريمة لم تنزل في أحد على وجه خاص، وإنما الآية كما قال إمام المفسرين بن جرير الطبري: مثل ضربه الله لجميع العباد إن هم كفروا بعد الإيمان، فقد قال رحمه الله في معنى الآية: "مثلكم إن كفرتم بعد الإيمان كمثل رجل كان مع قوم على الطريق، فضل الطريق فحيرته الشياطين واستهوته في الأرض وأصحابه على الطريق، فجعلوا يدعونه إليهم يقولون: ائتنا فإنا على الطريق، فأبى أن يأتيهم، فذلك مثل من يتبعكم بعد المعرفة بمحمد، ومحمد الذي يدعو إلى الطريق، والطريق هو الإسلام4، فالآية مثل ضربه الله للذي لا يستجيب لهدي الله وهو