الإطلاق صح أن يقال إن الله خلق كل ملك من الملائكة على صورته. بل خلق كل حي على صورته، بل ما من شيء من الأشياء إلا وهو يشاركه في بعض اللوازم البعيدة ولو أنه بالقيام بالنفس وحمل الصفات، فيصح في كل جسم وجوهر أن الله خلقه على صورته على هذا التقدير.

الوجه الرابع أن لفظ الحديث: «إذا قاتل أحدكم أو ضرب أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته» فنهى عن ضرب الوجه لأن الله خلق آدم على صورته، فلو كان المراد مجرد خلقه عالماً قادراً ونحو ذلك لم يكن للوجه بذلك اختصاص بل لا بد أن يريد الصورة التي يدخل فيها الوجه.

الوجه الخامس الحديث الآخر: «لا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورته» فنهى عن تقبيح الوجه المشبه لوجه آدم لأن الله خلق آدم على صورته. وهذا يقتضي أنه نهى عن ذلك لتناوله لله وأنه أدخل وجه ابن آدم فيما خلقه الله على صورته.

فإن قيل هذا تصريح بأن وجه الله يشبه وجه الإنسان كما ورد «صورة الإنسان على صورة الرحمن».

فالجواب أن هذا أيضاً لازم للمنازع ولهذا أورده وأجاب عنه فقال: فإن قيل: المشاركة في صفات الكمال تقتضي المشاركة في الإلهية.

قلنا: المشاركة في بعض اللوازم البعيدة مع حصول المخالفة في الأمور الكثيرة لا تقتضي المشاركة في الإلهية، قال: ولهذا المعنى قال الله تعالى: {ولله المثل الأعلى} وقال: صلى الله عليه وسلم «تخلقوا بأخلاق الله».

ومن المعلوم أن المشابهة والمشاركة في صفات الكمال التي هي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015