وأيضاً فإن الله قد وصف هذه الأمة بأنها خير أمة أخرجت للناس وأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فمن الممتنع أن يكون في عصر التابعين يتكلم أئمة ذلك العصر بما هو كفر وضلال ولا ينكر عليهم أحد، فلو كان قوله خلق آدم على صورة الرحمن باطلاً لكانوا كذلك.
وأيضاً فقد روي بهذا اللفظ من طريق أبي هريرة. والحديث المروي من طريقين مختلفين لم يتواطأ رواتهما يؤيد أحدهما الآخر ويشهد له ويعتبر به. بل قد يفيد ذلك العلم. إذ الخوف في الرواية من تعمد الكذب أو من سوء الحفظ. فإذا كان الرواة ممن يعلم أنهم لا يتعمدون الكذب أو كان الحديث ممن لا يتواطأ في العادة على اتفاق الكذب على لفظه لم يبق إلا سوء الحفظ فإذا كان قد حفظ كل منهما مثل ما حفظ الآخر كان ذلك دليلاً على أنه محفوظ. ولهذا يحتج من منع المرسل به إذا روي من وجه آخر، ولهذا يجعل الترمذي وغيره الحديث الحسن ما روي من وجهين ولم يكن في طريقه متهم بالكذب ولا كان مخالفاً للأخبار المشهورة. وأدنى أحوال هذا اللفظ أن يكون بهذه المنزلة.
وأيضاً فقد ثبت عن الصحابة أنهم تكلموا بمعناه كما في قول ابن عباس «تعمد إلى خلق من خلقي على صورتي» والمرسل إذا اعتضد به قول الصاحب احتج به من لا يحتج بالمرسل كالشافعي وغيره.
وأيضاً فثبت بقول الصحابة ذلك ورواية التابعين كذلك عنهم أن هذا كان مطلقاً بين الأئمة ولم يكن منكراً بينهم.
وأيضاً فعلم ذلك لا يؤخذ بالرأي وإنما يقال توقيفاً. ولا يجوز أن يكون مستند ابن عباس إخبار أهل الكتاب الذي هو أحد الناهين لنا عن سؤالهم ومع نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تصديقهم أو تكذيبهم فعلم أن ابن عباس إنما قاله توقيفاً من النبي صلى الله عليه