الخامس: أن ذرية آدم خلقوا على صورة آدم لم يخلق آدم على صورهم فإن مثل هذا الخطاب إنما يقال فيه خلق الثاني المتأخر في الوجود على صورة الأول المتقدم وجوده، لا يقال إنه خلق الأول على صورة الثاني المتأخر في الوجود كما يقال خلق الخلق على غير مثال أو نسج هذا على منوال هذا ونحو ذلك فإنه في جميع هذا إنما يكون المصنوع المقيس متأخراً في الذكر عن المقيس عليه. وإذا قيل خلق الولد على صورة أبيه أو على خلق أبيه كان كلاماً سديداً، وإذا قيل خلق الوالد على صورة ولده أو على خلقه كان كلاماً فاسداً بخلاف ما إذا ذكر التشبيه بغير لفظ الخلق وما يقوم مقامه، مثل أن يقال الوالد يشبه ولده فإن هذا سائغ لأن قوله خلق إخبار عن تكوينه وإبداعه على مثال غيره ومن الممتنع أن الأول يكون على مثال ما لم يكن بعد وإنما يكون على مثال ما قد كان.

السادس: أنه إذا كان المقصود أن هذا المضروب والمشتوم يشبه آدم فمن المعلوم أن هذا من الأمور الظاهرة المعلومة للخاص والعام، فلو أريد التعليل بذلك لقيل فإن هذا يدخل فيه الأنبياء إذ كان هذا يدخل فيه آدم ونحو ذلك من العبارات التي تبين قبح كلامه وهو اشتمال لفظه على ما يعلم هو وجوده. أما مجرد إخباره بما يعلم وجوده كل أحد فلا يستعمل في مثل هذا الخطاب.

السابع: أنه إذا أريد مجرد المشابهة لآدم وذريته لم يحتج إلى لفظ خلق على كذا فإن هذه العبارة إنما تستعمل فيما فطر على مثال غيره بل يقال أن وجهه يشبه وجه آدم أو فإن صورته تشبه صورة آدم.

الثامن: أن يقال مثل هذه العلة تصلح لقوله: «لا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك» فكيف يصلح لقوله: «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه» ومعلوم أن كون صورته تشبه صورة آدم لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015