وسفيان بن سعيد وسفيان بن عيينة ومعمر بن راشد في الأحاديث في الصفات أنهم كلهم قالوا أمروها كما جاءت نحو حديث النزول وحديث «أن الله خلق آدم على صورته» وأنه يدخل قدمه في جهنم وما كان مثل هذه الأحاديث. قال أبو عمر بن عبد البر: رواها السلف وسكتوا عنها وهم كانوا أعمق الناس علماً وأوسعهم فهماً وأقلهم تكلفاً، ولم يكن سكوتهم على عي، فمن لم يسعه ما وسعهم فقد خاب وخسر انتهى.

وقد ذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في «الفتوى الحموية الكبرى» ما رواه الخلال عن الأوزاعي والوليد بن مسلم مما ذكراه عن الأئمة الذين تقدم ذكرهم وأنهم قالوا في أحاديث الصفات. أمروها كما جاءت بلا كيف، ثم قال فقولهم رضي الله عنهم «أمروها كما جاءت» رد على المعطلة، وقولهم «بلا كيف» رد على الممثلة. والزهري ومكحول هما أعلم التابعين في زمانهم. والأربعة الباقون أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين ومن طبقتهم حماد بن زيد وحماد بن سلمة وأمثالهما - إلى أن قال في قولهم، أمروها كما جاءت بلا كيف - إنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة. ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا أمروها كما جاءت بلا كيف فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى. وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات. وأيضاً فإن من ينفي الصفات الخبرية أو الصفات مطلقاً لا يحتاج أن يقول بلا كيف. فمن قال إن الله ليس على العرش لا يحتاج أن يقول بلا كيف. فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا بلا كيف. وأيضاً فقولهم أمروها بلا كيف كما جاءت يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظ دالة على معاني. فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد. أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015