وأما قول القائل على: صورته التي هي العالم فإن الإنسان مختصر العالم، فلا حاجة إلى المنازعة في كون الإنسان مختصر العالم ونسخة العالم، ولا في كون هذا المعنى قد يكون من لوازم خلقه على صورة الرحمن، كما لا ينازع في كونه عالماً وقادراً وحياً ولكن هذا لا يجوز أن يكون هو مقصود الحديث لوجوه.

أحدها أن قوله: «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته يقتضي أن خلقه على صورة الرحمن هو المانع من ضربه، وكونه على صورة العالم لا يمنع ضربه وقتاله فإن العالم بنفسه مشتمل على النعيم والعذاب وعلى ما ينعم ويعذب وعلى البر والفاجر.

الثاني أن قوله: «لا يقل أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورته» يقتضي أن شبه الوجه بالصورة هو المانع من تقبيح من أشبه الوجه ومعلوم أن العالم نفسه ليس فيه ما يشبه وجه الآدمي مخصوصاً بمنع ذمه وهو وجه يشبه وجهه.

الثالث: أن خلقه على نسخة العالم ليس له اختصاص بالوجه بل هو شامل لروحه وسائر أعضائه كما يبين ذلك من يقوله، وحينئذ فينبغي أن يكون النهي عن الضرب لسائر أعضائه ونفسه، أو لا ينهى عن الضرب لشيء، وكلاها باطل.

الرابع: أنه على هذا التقدير كان النهي عن التقبيح يقتضي أن يكون شاملا لجميع الأعضاء والنفس.

الخامس: أن تسمية العالم صورة الله أمر باطل لا أصل له في اللغة، بل العالم مخلوق الله ومملوكه.

السادس: أن هذا الوجه يتضمن أن إضافة الصورة إليه إضافة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015