الذات، وكانت الفائدة في ذلك تشريفها بالإضافة إليه كتشريف بنية الكعبة بتسميته بيتاً له وإن كان لا يسكنه، كذلك تشريف صورة آدم بالإضافة إليه وإن كانت لا تشبهه، قال وقوله: «رأيت ربي في أحسن صورة» يحتمل أن يكون رآه في أحسن صورة، ويحتمل أن يكون في أحسن حال من الإكرام والتبجيل. قال: وإنما دعانا إلى ذلك أن إطلاق الصورة عليه سبحانه تصريح بتكذيب القرآن وكفى بذلك محوجاً إلى التأويل، وليس هذا مما يمكننا أن نقول فيه صورة لا كالصور لأنه عزاها إلى صورة محسوسة هي صورة آدم، فلو كان على صورة الله في نفسه لكان كل آدمي على صورة الله والله سبحانه وتعالى على صورته، وقد أكذب الله من قال ذلك وأطلقه عليه بقوله سبحانه: {ليس كمثله شيء} وآدم شيء فلا يكون مثلاً لله تعالى.
هذا لفظ ابن عقيل وهو مثل كلام المؤسس (?) ونحوه من الجهمية، وقد تقدم الكلام على هذا، وإنما المقصود هنا الكلام على تأويله بصورة الملك والتدبير، وزاد على هذا طائفة من الاتحادية وغيرهم فقالوا هو خليفة الله استخلفه بأن جعل فيه من أسمائه وصفاته ما ضاهى به الحضرة الإلهية، وهؤلاء طائفتان طائفة تثبت الرب وراء العالم وتجعل الإنسان خليفة الله، وطائفة أخرى لا تثبت للرب وجوداً غير العالم بل يجعلونه هو وجود العالم ويجعلون الإنسان نسخة ذلك الوجود ومختصره فهو الخليفة الجامع فيه، وهم في هذا يوافقون من يقول من الفلاسفة وغيرهم أن الإنسان هو العالم الصغير كما أن العالم هو الإنسان الكبير إذ الإنسان قد اجتمع فيه ما تفرق، وهذه المعاني لا يقصد النزاع