الوجه وتقبيح ما يشبهه لأن الله خلق آدم على صورته، فلو كان المخلوق على الصورة إنما هو الروح لم يصح هذا التشبيه فإن الله لا يشبه وجه الإنسان وإنما يشبه روحه.
الوجه الخامس: أن هذا التقبيح المنهي عنه لا يصلح أن يكون للوجه لعدم تناول العلة له.
الوجه السادس: أنه لو أريد ذلك لقيل لا تقبحوا الروح أو لا تسبوها ونحو ذلك.
الوجه السابع: أنه لا اختصاص للوجه بالنهي عن تقبيحه على هذا التقدير، بل كان الواجب أن ينهى عن تقبيح جميع أعضاء البدن أو لا ينهى عن تقبيح شيء منها لأن تعلق الروح بذلك تعلق واحد.
الوجه الثامن: أن قوله في الحديث الأخر المتفق عليه «إن الله خلق آدم على صورته طوله ستون ذراعا» صريح في أن المخلوق على صورته طوله ستون ذراعاً. وهذا نص في البدن فكيف يجوز أن يقال إن البدن ليس داخلاً في الحديث وإنما المراد الروح فقط.
الوجه التاسع: أن اسم آدم يتناول البدن كتناوله الروح، وهذا معلوم بالاضطرار من كلام الله وكلام رسوله والعلماء كما في قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} [البقرة: 34]، وقوله: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35]، وقوله: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: 37]، وقوله: {يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 27]، وأمثال ذلك، فمن زعم أن آدم لا يتناول إلا الروح فقط في مثل خلق آدم ونحوه من الكلام فإن بطلان قوله معلوم بالاضطرار المنزل بين العباد، وإنما يقال هذا في مثل قوله في حديث المعراج: أنه رأى في السماء