والصورة التي خلق عليها آدم، فلا بد من إثبات هذه الثلاثة، ولو أريد الصورة المخلوقة لم يكن إلا صورة فقط هي الصورة المضروبة المشتومة، وصورة آدم فقط فيقال خلق هؤلاء أو هذا أو الذرية على صورته.
الوجه التاسع: أن العلم بأن الله خلق آدم هو من أظهر العلوم عند العامة والخاصة فإذا لم يكن في قوله: «على صورته» معنى إلا أنها الصورة التي خلقها وهي ملكه لكان قوله: خلق آدم كافياً إذ خلق آدم وخلق آدم على صورته سواء على هذا التقدير. وإن ادعى أن في الإضافة بمعنى الخلق تخصيصاً فكذلك يكون في لفظ خلق لا فرق بين قول القائل هذا مخلوق الله وبين قوله: «إن الله هو الذي خلق آدم على الصورة التي خلقها الله، أو خلق آدم على الصورة التي خلقها الرحمن» ومثل هذا الكلام لا يضاف إلى أدنى الناس فضلا عن أن يضاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
الوجه العاشر أن قوله: «خلق آدم على صورته» أو «على صورة الرحمن» يقتضي انه برأه وصوره على تلك الصورة. فلو أريد الصورة المخلوقة المملوكة التي هي صورة آدم المضافة إليه تشريفاً لكان يقال صورة آدم صورة الله أو صورة الإنسان صورة الله ونحو ذلك من الألفاظ الدالة على الإضافة المجردة وان كان في ذلك ما فيه، أما إذا قيل خلقه على صورته ولم يرد إلا أن صورته المخلوقة هي الصورة المضافة إلى الله لكونها مخلوقة له فهذا تناقض ظاهر لا يحتمله اللفظ.
وأما التأويل الثالث المذكور عن الغزالي من أن معنى قوله: «خلق آدم على صورته» أن الإنسان ليس بجسم ولا جسماني ولا تعلق له بهذا البدن إلا على سبيل التدبير والتصرف ونسبة ذات آدم إلى هذا البدن كنسبة الباري إلى العالم من حيث أن كلاً منهما غير حالٍ في هذا الجسم