ولا شك أن من فارق ذريته وأهله، وأحبابه في الآخرة فقد خسر خسرانًا مبينًا، كما قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (?) أي تفارقوا فلا التقاء لهم أبدًا، وسواء ذهب أهلوهم إلى الجنة وقد ذهبوا هم إلى النار، أو أن الجميع أسكنوا النار، ولكن لا اجتماع لهم ولا سرور، وهذا هو الخسران المبين الظاهر الواضح (?).
وقال الله - عز وجل -: {وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ * وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ} (?)، قال الإمام ابن كثير رحمه الله: ((أي ذُهِبَ بهم إلى النار فعدموا لذتهم في دار الأبد، وخسروا أنفسهم، وفُرِّق بينهم وبين أحبابهم، وأصحابهم، وأهاليهم، وقراباتهم فخسروهم)) (?).
وقد ذُكِرَ أن بعض الصالحين مات له ابن فجزع عليه جزعًا شديدًا، حتى امتنع من الطعام والشراب، فبلغ ذلك الإمام محمد بن إدريس الشافعي، فكتب إليه ومما كتب إليه:
إني معزِّيك لا أنِّي على ثقةٍ ... من الحياة ولكن سنة الدين