فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم، ولم ينزل به كتابه، وقسم أنزل به كتابه فتعرّف به إلى عباده، وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يطَّلِع عليه أحد من خلقه، ولهذا قال: ((استأثرتَ به)) أي انفردت بعلمه، وليس المراد انفراده بالتسمِّي به؛ لأن هذا الانفراد ثابت في الأسماء التي أنزل بها كتابه. ومن هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة: ((فيفتح عليّ من محامده بما لا أحسنه الآن)) (?)، وتلك المحامد هي تفي بأسمائه وصفاته.

ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك)) (?)، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة)) (?)، فالكلام جملة واحدة. وقوله: ((من أحصاها دخل الجنة)) صفة لا خبر مستقبل. والمعنى له أسماء متعددة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة. وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها. وهذا كما تقول: لفلان مائة مملوك قد أعدهم للجهاد، فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم معدون لغير الجهاد، وهذا لا خلاف بين العلماء فيه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015