ولكن قوم إبراهيم لم يتعظوا بهذه الحجة الدامغة كما اتعظ بها الصحابي الجليل عمرو بن الجموح رضي الله عنه، فقد كان ابنه معاذ ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما, وكانا شابين أسلما لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فكانا يعدوان على الأصنام ليلًا ويكسرانها ويعطيانها حطبًا للأرامل ليعتبر قومهما بذلك، فكان لعمرو بن الجموح سيد قومه صنم يعبده ويطيبه، فجاءا ليلًا فنكساه على رأسه ولطخاه بالعذرة، فلما جاء عمرو نهارًا ورأى ما بصنمه غسله وطيبه ووضع عنده سيفًا وقال له: انتصر من عدوك، ثم أخذاه في الليلة الثانية فقرناه مع كلب ميت ودلياه في بئر، فلما نظر عمرو إليه نهارًا اغتاظ منه وعلم أنه إله زائف وقال له:

تالله لو كنت إلهًا مستدن ... لم تك والكلب جميعًا في قرن

ثم كسره وأسلم فحسن إسلامه واستشهد يوم أحد رضي الله عنه وأرضاه1.

وهذا الأعرابي يكسر صنمه عندما رأى ثعلبانًا يبول على رأسه وقال له:

أرب يبول الثعلبان برأسه ... لقد ذل من بالت عليه الثعالب2

ب- عجز الأصنام في الآخرة

يقول تعالى: {أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ, قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} 3، وقال تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ} 4.

إن الأصنام عاجزة عن نفع عابديها في الآخرة، فلن يجدوا يوم القيامة ما كانوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015