اعتضتُ ديناراً عوض الدرهم، فالدينار هو الحاصل المعوّض، والدرهم هو الخارج عنك المعوّض منه. وهذا عكس ما يفهم العامة، وكثير ممّن يعاني العلوم. وعلى ما ذكرناه جاء كلام العرب، قال الشاعر:
تَضْحَكُ منيّ أُخْتُ ذاتِ النِّحْييَنi.
أبْدَلَكِ الله بلوْنٍ لَوْنين
سَوادَ وَجْهٍ وَبيَاضَ عينين
ألا ترى كيف أدخل على المعوَّض منه الباء، وهو قوله "بلونٍ" ونصب "لونين" وهو المعوّض. وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ} ii. وقال تعالى: {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ} iii وقال تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} iv وقال تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} v أي يستبدل بكم قوما غيركم. وقال تعالى: {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْراً مِنْهَا} vi تقديره: أن يبدلنا بها خيراً منها، فحذف "بها" أي بالجنة التي طيف بها. وقال تعالى: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً} vii أي يبدلهما به.
وعلى هذا نظم علماء الشعراء، قال أبو تمام viii:
تبدَّلَ غاشيهِ بريم مُسَلِّمٍ
تَردَّى رداءَ الحُسْنِ وَشْيا مُنَمْنَما
وبالحَلْي إنْ قامت ترُّنمَ فوقها
حماما إذا لاقى حماماً ترنَّما
وبِالخَدْلَةِ السّاقِ المخدَّمةِ الشَّوى
قَلائصُ يَتْلُون العَبَنَّى المُخَدَّماix