تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم} 1. والمعنى تجارة لا غرر فيها ولا مخاطرة ولا قمار وهذا أمر متفق عليه عند أهل العلم 2..
ومن المعلوم أن اتفاق المتعاقدين على المعاملات الربوية وتراضيهما عليها وكون ذلك لا يؤدى إلى نزاع بينهما لا يجعل هذه المعاملات مشروعة فكذا هنا.
2- دعوى أن عقود التأمين من قبيل التعاون بين مجموعة من الناس وفي التعاون والتبرع يغتفر الغرر الكثير استنادا لقول مالك رحمه الله في تصرفات الإحسان الذي لا يقصد به تنمية المال كالصدقة والهبة والإبراء3. وبناء على ذلك حاولوا أن يجعلوا عقد التأمين من هذا الباب كما فعل السنهوري حيث ذكر أن التأمين لا يفهم على الوجه الصحيح إلا إذا نظر إلى الجانب الآخر وهو جانب العلاقة بين المُؤَمن ومجموع المُؤَمن لهم حيث يكون المُؤَمن وسيطاً بينهم ينظم تعاونهم جميعاً على مواجهة الخسارة التي قد تصيب بعضهم 4. يقول السنهوري عن الجانب الآخر من عقد التأمين - على حد تعبيره- "إنه يبر ز التأمين في ثوبه الحقيقي ويبين أنه ليس إلا تعاوناً منظما تنظيماً دقيقاً بين عدد كبير من الناس معرضين جميعاً لخطر واحد حتى إذا تحقق الخطر بالنسبة إلى بعضهم تعاون الجميع على مواجهته بتضحية قليلة يبذلها كل منهم يتلافون بها أضرارًا جسيمة تحيق بمن نزل الخطر به منهم لولا هذا التعاون, وشركة التأمين ليست في الواقع من الأمر إلا الوسيط الذي ينظم هذا التعاون على أسس فنية صحيحة ... فالتأمين إذاً هو تعاون محمود, تعاون على البر والتقوى يبر به المتعاونون بعضهم بعضاً ويتقون به جميعاً شر المخاطر التي تهددهم فكيف يجوز القول بأنه غير مشروع؟ "5.
وقد استند على قول السنهوري هذا كل المشاغبين على مسألة وجود الغرر في عقود التأمين.