التوبة نصوحاً وخالصة لوجه الله قبلت وكوفئ التائب عليها من ربه الغفور الرحيم.
أما الاستتابة فالمراد بها عند الفقهاء هي نصح المرتد وإرشاده وإزالة الشبهات التي أدت به إلى الإرتداد فإذا أقتنع وزال ريبه وأعلن العودة إلى الإسلام قُبلت منه توبته وعُفى عنه فلا يقام عليه الحد، وهو في هذه الحالة أشبه ما يكون بمتهم في ارتكاب جريمة، فلما مثل بين يد القضاء اثبت للقضاة براءته من الجريمة التي نسبت إليه، فيحكم القاضي ببراءته وإخلاء سبيله، فليس في استتابة المرتد تدخل في اختصاص الله، ومن المعلوم أن الردة لها جزاء أخروى هو الخلود في العذاب، فإذا كانت توبة المرتد صادقة ولساناً نجا من العقوبتين معاً: الخلود في النار، والقتل في الدنيا، فالأولى من اختصاص الله وحده، والثانية إجراء يملكه ولاة الأمر المسلمون. أما إذا كانت توبته باللسان فقط فإن عقوبة الدنيا تسقط عنه، ولا تنفعه توبته اللسانية الظاهرة عند الله مثقال ذرة، بل يكون منافقاً في العقيدة، والمنافقون في الآخرة في الدرك الأسفل من النار: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} النساء: (145) .
فأين التدخل في اختصاص الله يا ترى؟ ابلغ منكرو حد الردة هذا الحد من الغفلة؟ أم لحاجة في نفس يعقوب؟
عجيب - والله - أمر هؤلاء الناس.