ادعى منكرو حد الردة أن التسليم بأن عقوبة المرتد هي القتل يؤدي إلى وقوع تناقض تناقض شديد بين الكتاب والسنة وأنهم - أي منكري حد الردة - لا يعتمدون إلا ما كان موافقاً للقرآن من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وبنوا على ذلك أن الحديث: "من بدَّل دينه فاقتلوه" يتناقض مع قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} البقرة: (256)
ولذلك فإنهم يردون هذا الحديث ولا يقبلونه دفعاً لما توهموه من تناقض بينه وبين القرآن الحكيم.
ولو أن منكري حد الردة تريثوا قليلاً وفحصوا الموضوع فحصاً دقيقاً لما جرأوا على القول بالتناقض، ولما ورطوا أنفسهم في هذه المزالق الحرجة، ولكنهم القوا القول على عواهنه فكانوا كحابط ليل لا يميز بين الحطب والثعابين. كان عليهم أن يرجعوا إلى كتب أصول الفقه، ويقفوا على ما أضنى فيه الأصوليون أنفسهم من درس أدلة الأحكام من الكتاب والسنة معاً، وتحديدهم - بكل وعي ودقة - لمعاني المفردات والتراكيب، ودور السنة في تبيين المراد من آيات الأحكام.