النُّصُوص وَالْأَخْبَار هَل يجوز أَن يعْمل عَلَيْهَا وَكَيف يجوز وَقد قيل لَا يجوز لغير الْمُجْتَهد أَن يعْمل إِلَّا على رِوَايَات مذْهبه وفتاوى إِمَامه وَلَا يشْتَغل بمعاني النُّصُوص وَالْأَخْبَار وَيعْمل عَلَيْهَا كالعامي قيل هَذَا فِي الْعَاميّ الصّرْف الْجَاهِل الَّذِي لَا يعرف مَعَاني النُّصُوص وَالْأَحَادِيث وتأويلاتها أما الْعَالم الَّذِي يعرف النُّصُوص وَالْأَخْبَار وَهُوَ من أهل الدِّرَايَة وَثَبت عِنْده صِحَّتهَا من الْمُحدثين أَو من كتبهمْ الموثوقة الْمَشْهُورَة المتداولة فَيجوز لَهُ أَن يعْمل عَلَيْهَا وَإِن كَانَ مُخَالفا لمذهبهم يُؤَيّدهُ قَول أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه رَحِمهم الله تَعَالَى وَقَول صَاحب الْهِدَايَة فِي رَوْضَة الْعلمَاء الزندوستية فِي فضل الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم سُئِلَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى إِذا قلت قولا وَكتاب الله يُخَالِفهُ قَالَ اتْرُكُوا قولي بِكِتَاب الله فَقيل إِذا كَانَ خبر الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُخَالِفهُ قَالَ اتْرُكُوا قولي بِخَبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقيل إِذا كَانَ قَول الصَّحَابَة يُخَالِفهُ قَالَ اتْرُكُوا قولي بقول الصَّحَابَة وَفِي الامتاع روى الْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن عِنْد الْكَلَام على الْقِرَاءَة بِسَنَدِهِ قَالَ قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى إِذا قلت قولا وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ خلاف قولي فَمَا يَصح من حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أولى فَلَا تقلدوني وَنقل إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَة عَن الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى أَنه قَالَ إِذا بَلغَكُمْ خبر صَحِيح يُخَالف مذهبي فَاتَّبعُوهُ وَاعْلَمُوا أَنه مذهبي وَقد صَحَّ مَنْصُوصا أَنه قَالَ إِذا بَلغَكُمْ عني مَذْهَب وَصَحَّ عنْدكُمْ خبر على مُخَالفَته فاعلموا أَن مذهبي مُوجب الْخَبَر وروى الْخَطِيب بِإِسْنَادِهِ أَن الداركي من الشَّافِعِيَّة كَانَ يستفتي وَرُبمَا يُفْتِي بِغَيْر مَذْهَب الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة رحمهمَا الله تَعَالَى فَيُقَال لَهُ هَذَا يُخَالف قَوْلهمَا فَيَقُول وَيْلكُمْ حدث فلَان عَن فلَان عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَكَذَا وَالْأَخْذ بِالْحَدِيثِ أولى من الْأَخْذ بقولهمَا إِذا خالفاه وَكَذَا يُؤَيّدهُ مَا ذكر فِي الْهِدَايَة فِي مَسْأَلَة صَوْم المحتجم لَو احْتجم وَظن أَن ذَلِك يفطره ثمَّ أكل مُتَعَمدا عَلَيْهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة لِأَن الظَّن مَا اسْتندَ إِلَى دَلِيل شَرْعِي إِلَّا إِذا أفتاه فَقِيه بِالْفَسَادِ لِأَن الْفَتْوَى دَلِيل شَرْعِي فِي حَقه وَلَو بلغه الحَدِيث وَاعْتَمدهُ فَكَذَلِك عَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لِأَن قَول الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا ينزل عَن قَول الْمُفْتِي فِي الْكَافِي والْحميدِي أَي لَا يكون أدنى دَرَجَة من قَول الْمُفْتِي وَقَول الْمُفْتِي يصلح دَلِيلا شَرْعِيًّا فَقَوْل الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أولى وَعَن أبي يُوسُف خلاف