الحكام، كان نور الدين محمود المستفيد الرئيسي من فشل الحملة الفرنجية الثانية " بعد حاكم دمشق " فقد برزت أهمية الدور الذي قام به وأخوه سيف الدين غازي في إرغام الفرنجة على الإنسحاب عن دمشق خائبين، وظهرت بالتالي أهمية التعاون والتضامن بين الإمارات الإسلامية في حمايتها من أطماع الفرنجة وهذا ما كان نور الدين محمود يسعى لتحقيقه باعتباره الخطوة الأولى على طريق الوحدة التي كانت تمثل الهدف الإستراتيجي له في سبيل تحرير البلاد من الاحتلال الفرنجي، أدرك نور الدين محمود بعد فشل الحملة الفرنجية الثانية الأهمية الكبيرة لدمشق في مواجهة الفرنجة سواء من حيث موقعها الجغرافي المواجه الأكبر وأقوى الإمارات الفرنجة (مملكة القدس) أم من حيث إمكانياتها وكثرة مواردها وقوتها البشرية، فترسخت فكرة الاستيلاء عليها في نفسه وأخذ يسعى لتحقيق ذلك معتمداً الوسائل السلمية ومستفيداً من تجربة والده في هذا المجال (?).
6 - مشاركة فقهاء المغاربة للدفاع عن دمشق: لم تقتصر المشاركة الفعلية للفقهاء في القتال على فقهاء مدن بلاد الشام وحدهم، إذ تشير بعض الروايات إلى مشاركة أولئك الفقهاء المغاربة والأندلسيين الذين كانوا يقيمون ببلاد الشام في تلك المعارك، فعندما تعرض مدينة دمشق عام 543هـ/1147م للغزو الصليبي شارك أولئك الفقهاء جيوش مدينة دمشق لمواجهة ذلك الغزو؛ وكان منهم الفقيه المغربي حجة الإسلام أبو الحجاج يوسف بن دوناس الفندلاوي المالكي، والشيخ عبد الرحمن الحلحوني (?) وكان الشيخ الفندلاوي كبيراً زاهداً عابداً - خرج راجلاً، فراه معين الدين - حاكم دمشق - فقصده وسلَّم عليه وقال له: يا شيخ، أنت معذور، ونحن نكفيك، وليس بك قوَّة على القتال، فقال: قد بعت واشترى، فلا نُقيلهُ ولانستقيله. يعني قول الله تعالى: " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة " (التوبة، آية:111) وتقدّم فقاتل الفرنج حتى قتل رحمه الله شهيداً (?). واستشهد الشيخ الحلحوني بعد قتال واستبسال (?) ورؤي الشيخ الفندلاوي في المنام بعد استشهاده فقيل له: أين أنت؟ قال في جنات عدن على سُرر متقابلين (?).
7 - ما قيل من شعر: قال أبو الندى حسان بن نمير الكلبي في مدح مجير الدين صاحب دمشق:
عَرَّجْ على نَجْدِ لعلَّكَ مُنْجِدي ... بنسيمها ويذكر سُعْدى مُسْعِدي