البلاد الشامية وقد استفاد عبد القادر الجيلاني من جهود من سبقوه وتعاليمهم وخصوصاً الإمام الغزالي الذي قام بدور عظيم في تاريخ الإصلاح والتجديد وحوّل تلك التعاليم إلى مناهج مبسطة يفهمها العامّة وطلاب العلم والعلماء فقد وضع الشيخ عبد القادر منهجاً متكاملاً يستهدف إعداد الطلبة والمريدين روحياً واجتماعياً، ويؤهلهم لحمل رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتوفر لهذا المنهج فرص التطبيق العملي في الرباط المعروف باسم الشيخ عبد القادر حيث كانت تجري التطبيقات التربوية والدروس والممارسات الصوفية ويقيم الطلبة والمريدون، فالتحليل الدقيق للنظام التربوي الذي طبقه الشيخ
عبد القادر الجيلاني يكشف عن تأثير كبير بالمنهاج الذي اقترحه الغزالي (?).
وتعتبر تعاليم الشيخ عبد القادر ومدرسته ذات أثر ملموس ساهم في نهوض الأمة في عهد الزنكيين والأيوبيين وكان الشيخ عبد القادر على أصول منهج أهل السنة في الأصول والفروع وكانت له جهود مشكوره للتصدي للمذهب الشيعي الرافضي، وإعداد الأمة للجهاد ضد الصليبيين الغزاة وقد أثنى ابن تيمية على الشيخ عبد القادر واعتبره من أئمة الصوفية والمشايخ المشهورين الذين كانوا على الصراط المستقيم وإنه: من أعظم الناس لزوماً للأمر والنهي وشهد له بأنه من الشيوخ الكبار (?)، ثم شهد له أنه من أعظم مشايخ زمانه في الأمر بالتمسك بالشريعة الغراء بالتزام الشرع والأمر والنهي وتقديمه على الذوق ومن أعظم المشايخ أمراً بترك الهوى والإرادة النفسية (?).
وفي الفصل الأخير من الكتاب تحدثت عن سياسة نور الدين الخارجية وعلاقته مع الخليفة المقتفي لأمر الله والوزير يحي بن هبيرة والخليفة المستنجد بالله ثم المستضيء بالله، وتكلمت عن جهود نور الدين وأخيه سيف الدين في التصدي للحملة الصليبية الثانية وحمايته لدمشق من الغزاة وأهم نتائج تلك الحملة، وعن سياسته في ضم دمشق، وكيف تعامل مع القوى الإسلامية والأسر الحاكمة في بلاد الشام والجزيرة والأناضول، وعن سياسته تجاه القوى المسيحية، وعلاقته مع مملكة بيت المقدس، وإمارة الرها، وأنطاكية وطرابلس وعن المعارك التي خاضها والحصون التي فتحها وعن علاقته بالأمبراطورية البيزنطية واستخدامه لفقه السياسة الشرعية في زعزعة الحلف البيزنطي مع مملكة بيت المقدس وأنطاكية ضده وحتى لا يجعل دولته بيت عدوين الصليبيين في الجنوب والبيزنطيين في الشمال واستطاعت دبلوماسية الدولة النورية أن تصل إلى صلح مع الدولة البيزنطية،