والدهما بدليل أن سيف الدين غازي الأول أرسل إلى أخيه، نور الدين محمود يدعوه للحضور إليه إلا أن صاحب حلب تأخر في تلبية الدعوة معَّللا تصرفه بانهماكه في محاربة الصليبيين (?)، وقد كانت هناك مجموعة من الأسباب ساهمت في الفتور في العلاقة بين الأخوين وهي:
أ- رأى سيف الدين غازي الأول أنه كان يجب على أخيه الوقوف إلى جانبه عندما تعرض الحكم الزنكي في الموصل لخضة سياسية أثارها الملك ألب أرسلان السلجوقي بهدف الاستيلاء على السلطة، وذلك حتى تستقر الأوضاع لهما في البلاد، ثم يستأذنه في العودة إلى بلاد الشام.
ب- عّد سيف الدين غازي الأول تصرف أخيه نور الدين محمود بعد مقتل والدهما أمام قلعة جَعْبَر خروجاً على التقاليد الأسرية عند القبائل التركية التي تقضي بأن تكون السيادة للابن الأكبر (?).
ج - رأى سيف الدين غازي الأول في تصرف أخيه انفصالاً واضحاً عن الدولة الزنكية، لأن استئثار نور الدين محمود بأملاك الأسرة في حلب يعني تكوين حكم انفصالي عن دولة الأتابكة في الموصل (?) دفعت هذه العوامل سيف الدين غازي الأول إلى الإلحاح على أخيه نورالدين محمود للاجتماع به وتسوية الأمور بينهما، وقد تصرف صاحب الموصل بحكمة لإزالة أسباب التوتر، كما أنه لم يعارضه عندما استولى على الرها التي كانت تدخل في منطقة نفوذه بعد محاولة جوسلين الثاني استرداها من أيدي المسلمين في أواخر عام 541هـ/ ربيع الثاني 1147م والواقع أنه أرسل قوة عسكرية لمساندة أخيه لإنقاذ الرها المهّددة، لكنها وصلت بعد أن نجح نور الدين محمود في استعادتها (?)، وأخيراً حصل اللقاء بين الأخوين في الخابور. وفي هذا الاجتماع، اعتذر نور الدين محمود لأخيه عن تأخره في الحضور، وأظهر له الطاعة والاحترام من جهته (?)، ولشدة حذر نور الدين إشترط أن يكون الاجتماع ومع كل منهما خمسمائة فارس فقبل سيف الدين، وخرج نور الدين ومعه خمسمائة فارس، فرأى أخاه سيف الدين وليس معه إلا خمس فوارس فتأكد من حسن نيته واقتربا وتعانقا وباكيا وقال له سيف الدين من لي غيرك يا نور الدين ولمن أدخر الخير أن أسأت إلى أخي، فبعدها كان نور الدين يخرج إلى معسكر سيف الدين للخدمة وصفت