اللعب، وأخذوا في الطرب فزجرهم وتوعدهم وهم ساكتون، لكن كبيرهم المدعو " يرنقش " أسّر ذلك في نفسه، وراح ينتظر الفرصة للأخذ بثأره وما أن عاد سيده إلى النوم ثانية حتى أسرع إليه، وبرك عليه، وذبحه، واستطاع - أثر ذلك - أن يتسلل من المعسكر إلى أسوار جعبر، دون أن يشك أحد فيه باعتباره كبير حراس زنكي وهناك أخبر أهل القلعة وحراسها بما أقدم عليه، وأراهم الأدلة والعلامات (?)، فأسرعوا بإشاعة الخبر في داخل القلعة وبين صفوف قواته كي يشيعوا الاضطراب فيها ويجبروها على الإنسحاب وقد نجحوا في ذلك (?)، ويتفق كل من ابن القلاسني وسبط ابن الجوزي مع العماد الأصفهاني في هذه الرواية مع اختصار وحذف بعض التفاصيل (?) وأما ابن العديم فإنه يذكر أن زنكي تهدد يرنقش خلال النهار، فخاف الأخير منه وأسرع باغتياله ليلاً (?).

وأما من حيث هوية القاتل فيشير كل من ابن القلانسي ورنسيمان وأليسييف إلى أن القاتل كان من أصل إفرنجي أما حسن حبشي فيقول: ولعل القاتل كان باطنياً (?)، ومن حيث سبب القتل فيبدو أن صاحب قلعة جَعْبَر هو الذي حّرض على قتله كي يتخلص من الحصار، وأنه كان على صلة بالقاتل بدليل ما أورده ابن العديم من أن حساناً البعلبكي، صاحب منبج، تقدم إلى أسوار القلعة ونادى على ابن مالك وقال له: يا أمير علي، أيش بقى يخلصك من أتابك؟ فقال له: يا عاقل، يخلصني الذي خلصَّك من حبس بلك، يعني حين قُتل بلك على منبج وخلص حسان، يضاف إلى ذلك أن يرنقش التجأ إلى القلعة بعد حادثة الاغتيال (?) والراجح أن يرنقش نفَّذ عملية الاغتيال مدفوعاً بثلاثة عوامل: شخصية ونفسية وسياسية (?).

أما العامل الشخصي: فيتمثَّل بتهديد عماد الدين زنكي له وخشيته عاقبة هذا التهديد، فأسرع باغتيال سيده دفاعاً عن نفسه ويتجلى تأثير العامل النفسي في انزعاج يرنقش من معاملة عماد الدين زنكي القاسية له وزجره إياه ثم شعوره العميق بما أصابه من ظلم (?) ولعب إحساسه بمرارة الأهانة دوره، فاندفع لحماية كرامته وذبح سيده، ويصور الأصفهاني حركات يرنقش أثناء الاغتيال بالشكل الذي يبرز أثر الانفعال النفسي فيها: فأسرع إلى زنكي، وبرك عليه وذبحه في نومه (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015