وقال ابن القيم معقبا على الحديث: "فقرن سنة خلفائه بسنته وأمر باتباعها كما أمر باتباع سنته، وبالغ في الأمر بها، حتى أمر بأن يعض عليها بالنواجذ، وهذا يتناول ما أفتى به جميعهم أو أكثرهم أو بعضهم، لأنه علَّق ذلك بما سنه الخلفاء الراشدون، ومعلوم أنهم لم يسنوا ذلك وهم خلفاء في آن واحد، فعلم أن ما سنَّه كل واحد منهم في وقته فهو من سنة الخلفاء الراشدين" (?).
وذكر محمد الأمين الشنقيطي قول طائفة من أهل العلم بأن المراد بالأمر بالاقتداء بهم هو المقلد، وأما المجتهد العارف بالدليل فليس بمأمور بترك الدليل الظاهر له إلى قول غيره. ثم قال الشنقيطي: "واعلم أن التحقيق أنه لا يخصص النص بقول الصحابي إلا إذا كان له حكم الرفع، لأن النصوص لا تخصص باجتهاد أحد، لأنها حجة على كل من خالفها" (?).
ولا شك أن ما أجمع عليه الصحابة أولى بالاعتبار من إجماع من بعدهم لأن مرتبتهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم المداهنة تقتضي بأن يكون سكوتهم دليلاً على الموافقة، فإن لم يعتبر إجماعا فالظاهر أنه حجة (?). فإذا سن أحد الخلفاء الراشدين سنة وسكتوا فلم يعترضوا عليه، فسنته حجة على رعيته وإن لم تكن إجماعاً لأن طاعته لازمة، وحرصه على الشورى كبير، ولا يمتنع تبديل هذه السنة بعده من قبل إمام هدى يعمل بالشورى وتجب له الطاعة، فقد خالف عمر سنة الصديق في كيفية قسمة العطاء، وهكذا فعل عثمان مع سنة عمر، وجمع أبي بكر القرآن، وجمع عمر الناس في التراويح، وحظى الإجراءان بإجماع الصحابة، ووحَّد عثمان المصاحف عندما قام بالجمع الثاني، وكانت أعمالهم هذه لازمة